للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ السِّعَايَةِ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ وَلَهُمَا أَنَّ نِصْفَ السِّعَايَةِ سَاقِطٌ بِيَقِينٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: إنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ هُوَ نَصِيبِي، وَالسَّاقِطَ نَصِيبُك فَيُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا.

(وَلَا عِتْقَ فِي عَبْدَيْنِ) أَيْ قَالَ رَجُلٌ: إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ غَدًا فَعَبْدِي كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَعَبْدِي كَذَا فَمَضَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ دَخَلَ أَوْ لَا لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ، وَالْمَقْضِيَّ لَهُ بِهِ مَجْهُولَانِ فَفَحُشَتْ الْجَهَالَةُ.

(مَلَكَا) أَيْ رَجُلَانِ (وَلَدَ أَحَدِهِمَا) بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (أَوْ اشْتَرَى) أَحَدُهُمَا (نِصْفَ ابْنِهِ مِنْ مَوْلَاهُ) أَيْ مَوْلَى ابْنِهِ (أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ) أَيْ عِتْقَ عَبْدٍ (بِشِرَاءِ نِصْفِهِ) بِأَنْ قَالَ: زَيْدٌ لَعَبْدِ بَكْرٍ إنْ اشْتَرَيْتُ نِصْفَك فَنِصْفُك حُرٌّ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدَ (هُوَ) أَيْ زَيْدٌ (وَرَجُلٌ آخَرُ) بِالِاشْتِرَاكِ (عَتَقَ حِصَّتُهُ) أَيْ حِصَّةُ الْأَبِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ شِقْصَ قَرِيبِهِ وَشِرَاؤُهُ إعْتَاقٌ كَمَا مَرَّ وَحِصَّةُ الْحَالِفِ فِي الثَّالِثَةِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِانْعِدَامِ التَّعَدِّي (عَلِمَ) الشَّرِيكُ (أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ ابْنُ شَرِيكِهِ أَوْ لَا (كَمَا لَوْ وَرِثَاهُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْأَبُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ إذَا وَرِثَ هُوَ وَشَرِيكُهُ ابْنَهُ، صُورَتُهُ امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَلَهَا عَبْدٌ هُوَ ابْنُ زَوْجِهَا فَتَرَكَتْ الزَّوْجَ وَالْأَخَ فَوَرِثَ الْأَبُ نِصْفَ ابْنِهِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ أَخِيهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ ضَرُورِيٌّ لَا اخْتِيَارَ لِلْأَبِ فِي ثُبُوتِهِ (فَالْآخَرُ أَعْتَقَهُ أَوْ اسْتَسْعَى) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ وِلَايَةُ التَّضْمِينِ بَقِيَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْإِعْتَاقُ أَوْ الِاسْتِسْعَاءُ وَقَالَا فِي غَيْرِ الْإِرْثِ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ غَنِيًّا وَسَعَى لَهُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَجِبُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَسْعَى الْعَبْدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَنَّهُ رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا إذَا أَذِنَ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ حَيْثُ شَارَكَهُ فِي عِلَّةِ الْعِتْقِ وَهُوَ الشِّرَاءُ وَإِنْ جُهِلَ فَالْجَهْلُ لَا يَكُونُ عُذْرًا (وَإِنْ اشْتَرَى) أَيْ أَجْنَبِيٌّ (نِصْفَهُ ثُمَّ) اشْتَرَى (الْأَبُ مُوسِرًا بَاقِيَهُ ضَمَّنَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ (أَوْ اسْتَسْعَى) الِابْنَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِاحْتِبَاسِ مَالِيَّتِهِ عِنْدَهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُ وَقَالَا لَا خِيَارَ لَهُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُمَا (وَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ النِّصْفَ (الْأَبُ مُوسِرًا مِنْ مَالِكِ كُلِّهِ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الْأَبُ (لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ بِبَيْعِهِ مِنْ الْأَبِ.

(دَبَّرَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَأَعْتَقَهُ آخَرُ وَهُمَا مُوسِرَانِ ضَمَّنَ السَّاكِتُ مُدَبِّرَهُ فَقَطْ) لَا الْمُعْتِقَ (وَضَمَّنَ الْمُدَبِّرُ مُعْتِقَهُ ثُلُثَهُ مُدَبَّرًا لَا مَا ضَمِنَهُ) إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ وَهُمَا مُوسِرَانِ وَالثَّالِثُ سَاكِتٌ فَأَرَادَ السَّاكِتُ وَالْمُدَبِّرُ الضَّمَانَ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبِّرَ دُونَ الْمُعْتِقِ، وَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَلَا يُضَمِّنَهُ الثُّلُثَ الَّذِي ضُمِّنَ.

تَوْضِيحُهُ: أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا فَإِنَّ السَّاكِتَ يُضَمِّنُ الْمُدَبِّرَ تِسْعَةً، وَالْمُدَبِّرُ يُضَمِّنُ الْمُعْتِقَ سِتَّةً، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَةِ الْقِنِّ لِمَا سَيَأْتِي فَبِالتَّدْبِيرِ تَلِفَتْ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَكَانَ الْإِتْلَافُ بِالْإِعْتَاقِ وَاقِعًا عَلَى قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ وَهِيَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْقِنِّ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثُهَا سِتَّةٌ، فَيُضَمِّنُ الْمُدَبِّرُ الْمُعْتِقَ تِلْكَ السِّتَّةَ فَقَطْ وَلَا يُضَمِّنُهُ التِّسْعَةَ الَّتِي هِيَ نَصِيبُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: مَلَكَا وَلَدَ أَحَدِهِمَا) كَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: عَلِمَ الشَّرِيكُ أَوْ لَا) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ تَضْمِينَ الْأَبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ أَنَّهُ ابْنُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّهُ رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرِّضَا يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، وَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى سَبَبِهِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبْطَلٌ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِك كُلِّهِ) مُكَرَّرٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اشْتَرَى نِصْفَ ابْنِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الشِّرَاءِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَاهُ مِنْهُ مُوسِرًا لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِلْآخَرِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَأَعْتَقَهُ آخَرُ) يَعْنِي بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ السَّاكِتُ مُدَبَّرَهُ) قَالَ الْكَمَالُ: وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ إنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْقِنِّ) قَالَ الْكَمَالُ:؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِالْوَطْءِ، وَالسِّعَايَةِ، وَالْبَدَلِ وَإِنَّمَا زَالَ الْأَخِيرُ فَقَطْ وَإِلَيْهِ مَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إلَّا أَنَّ الْوَجْهَ يَخُصُّ الْمُدَبَّرَةَ دُونَ الْمُدَبَّرِ، وَقِيلَ يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَوْ جَوَّزُوا بَيْعَ هَذَا فَأَبَتْ الْمَنْفَعَةَ الْمَذْكُورَةَ كَمْ يَبْلُغُ فَمَا ذُكِرَ فَهُوَ قِيمَتُهُ وَهَذَا حَسَنٌ عِنْدِي، وَقِيلَ: قِيمَتُهُ قِنًّا وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَقِيلَ: نِصْفُ قِيمَتِهِ قِنًّا وَقِيلَ تُقَوَّمُ خِدْمَتُهُ مُدَّةَ عُمْرِهِ حَزْرًا فِيهِ فَمَا بَلَغَتْ فَهِيَ قِيمَتُهُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>