للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُرَّةَ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ عَرَبِيَّةً أَوْ لَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى الْوَلَدِ لِقَوْمِ الْأَبِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ مُعْتَقَةً وَالْأَبُ حُرَّ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا فَلَا وَلَاءَ عَلَى الْوَلَدِ لِقَوْمِ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَرَبِيٍّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَكُونُ لِقَوْمِ الْأُمِّ عَلَيْهِ وَلَاءٌ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَهَاهُنَا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرْنَاهَا فِي رِسَالَتِنَا الْمَعْمُولَةِ فِي الْوَلَاءِ فَمَنْ أَرَادَهَا فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ.

(ثُمَّ الْمُعْتَقُ عَصَبَةٌ) أَيْ شَخْصٌ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ صَاحِبِ الْفَرْضِ وَكُلَّ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِهِ (أُخِّرَتْ عَنْ) الْعَصَبَةِ (النِّسْبِيَّةِ) وَهِيَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ إمَّا عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ أَيْ ذَكَرٌ لَا فَرْضَ لَهُ وَلَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ وَهِيَ أُنْثَى يُعَصِّبُهَا ذَكَرٌ، وَإِمَّا مَعَ غَيْرِهِ كَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ وَكُلُّهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ (وَقُدِّمَتْ) الْعَصَبَةُ (عَلَى ذِي رَحِمٍ) وَهُوَ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ وَيَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى.

(فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ فَإِرْثُهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ) أَيْ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ (ثُمَّ الْمُعْتَقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ فَإِرْثُهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَعْرُوفِ (وَيَثْبُتُ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَاءِ (الْعَقْلُ) وَهُوَ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ (وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِهِ.

(ادَّعَيَا) أَيْ شَخْصَانِ (وَلَاءَ مَيِّتٍ وَبَرْهَنَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّهُ أَعْتَقَهُ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ وَالْوَلَاءِ لَهُمَا) لِجَوَازِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ كَمَا فِي الْمِلْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْيَةِ.

(لَا وَلَاءَ لِلنِّسَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرُّ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ» أَيْ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَهُ أَوْ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَهُ وَأَمَّا وَلَاءُ الْمُدَبَّرِ فَقَدْ عَرَفْت بَيَانَهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَعَرَفْت أَيْضًا مَسْأَلَةَ جَرِّ الْوَلَاءِ (وَالثَّانِي) أَيْ الْوَلَاءُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُوَالَاةِ (إذَا وَالَى حُرٌّ مُكَلَّفٌ) أَيْ عَاقِلٌ بَالِغٌ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ تَصَرُّفٌ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيجَابَ الْإِرْثِ وَالْتِزَامَ الْعَقْلِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا سَيَأْتِي (مَجْهُولَ النَّسَبِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ عُرِفَ نَسَبُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ (غَيْرَ عَرَبِيٍّ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ تَنَاصُرَ الْعَرَبِ بِالْقَبَائِلِ فَأَغْنَى عَنْ الْوَلَاءِ (أَوْ) ، وَالَى (صَبِيٌّ عَاقِلٌ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْقِلْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصَرُّفُهُ أَصْلًا (بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ إذَا ثَبَتَ سَبَبُهُ بِأَنْ مَلَكَ قَرِيبَهُ أَوْ كَاتَبَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ عَبْدَهُ وَعَتَقَ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلصَّبِيِّ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ إذَا صَدَرَ عَنْهُ عَقْدُهَا بِالْإِذْنِ (أَوْ) ، وَالَى (الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ سَيِّدِهِ لِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ (آخَرَ) مَفْعُولُ، وَالَى (عَلَى أَنَّهُ يَرِثُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، وَالَى بَيَانٌ لِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ أَيْ إنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ وَرِثَهُ الْأَعْلَى (وَيَعْقِلُ عَنْهُ) أَيْ إنْ جَنَى الْأَسْفَلُ فَدِيَتُهُ عَلَى الْأَعْلَى سَوَاءٌ (أَسْلَمَ) الْأَسْفَلُ (فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْأَعْلَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ مُعْتَقَةً وَالْأَبُ حُرَّ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا) صَوَابُهُ حَذْفُ إنْ مِنْ " وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا " لِكَوْنِهِ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ " بَعْدَهُ " وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَرَبِيٍّ وَفِي نُسْخَةٍ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي الْوَلَاءِ كَمَا فِي الْعَرَبِيِّ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلْآبَاءِ وَإِنْ ضَعُفَ وَلَهُمَا أَنَّهُ لِلنُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ مَنْ سِوَى الْعَرَبِ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِالْقَبَائِلِ.

(قَوْلُهُ: يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ وَالْوَلَاءِ لَهُمَا) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ صَاحِبُ الْيَدِ لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَهُمَا سِيَّانِ وَلَمْ يُرَجَّحْ صَاحِبُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوَلَاءِ وَهُوَ الْعِتْقُ لَا يَتَأَكَّدُ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.

وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَقِّتَا وَلَمْ يَسْبِقْ الْقَضَاءُ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ وَقَّتَا فَالسَّابِقُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعِتْقَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْفَسْخَ فَكَانَ عَقْدُ الثَّانِي نَقْضًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ عَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَأَشْبَهَ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ فَقُضِيَ لَهُ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ بَاطِلًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَجْهُولَ النَّسَبِ) مَفْعُولُ، وَالَى لَا صِفَةٌ لِحُرٍّ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جَهْلُ النَّسَبِ، وَلَا كَوْنُهُ غَيْرَ عَرَبِيٍّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ تَأْخِيرَ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ عَنْ مُوَالَاةِ الْعَبْدِ، وَالصَّبِيُّ غَيْرَهُمَا فَيَجْعَلُ الْعِبَارَةَ هَكَذَا، وَالَى حُرٌّ مُكَلَّفٌ أَوْ صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَوْ عَبْدٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَسَيِّدِهِ مَجْهُولَ النَّسَبِ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ) عَرَبِيٍّ يُغْنِي وَلَا مَوْلَى عَرَبِيٍّ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ: وَيُغْنِي عَنْ هَذَا كَوْنُهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَعْلُومَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيٌّ بِإِذْنِ أَبِيهِ) عَطْفٌ عَلَى حُرٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ لِمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ، وَالْعَقْلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ بِالِالْتِزَامِ وَهُوَ بِالشَّرْطِ اهـ.

وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَمِنْهَا أَيْ الشَّرَائِطِ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمِيرَاثُ وَالْعَقْلُ اهـ.

وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ عَلَى وُجُوبِ اشْتِرَاطِ الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْحَاكِمِ فِي الْكَافِي وَرَدَّهُ قَاضِي زَادَهْ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>