للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْعَقْدِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْكُلِّ مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي الْبَعْضِ شَرْطٌ لِقَبُولِهِ فِي الْبَاقِي (وَلَوْ نَقَدَ أَلْفًا) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (أَوْ اشْتَرَاهُمَا) أَيْ الْأَمَةَ وَالطَّوْقَ (بِأَلْفَيْنِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ نَسِيئَةٌ فَهُوَ ثَمَنُ الطَّوْقِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ قَبْضَ حِصَّةِ الطَّوْقِ فِي الْمَجْلِسِ وَاجِبٌ لِكَوْنِهِ بَدَلَ الصَّرْفِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْأَجَلَ بَاطِلٌ فِي الصَّرْفِ جَائِزٌ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ وَالْمُبَاشَرَةُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُبَيِّنْ) أَنَّهُ ثَمَنُ الطَّوْقِ (أَوْ قَالَ) خُذْ هَذَا (مِنْ ثَمَنِهِمَا) أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَ قَصَدَ الصِّحَّةَ وَلَا صِحَّةَ إلَّا بِأَنْ يَجْعَلَ الْمَقْبُوضَ فِي مُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِهَا فَلِأَنَّ مَعْنَاهُ خُذْ هَذَا عَلَى أَنَّهُ بَعْضُ ثَمَنِ مَجْمُوعِهِمَا لِظُهُورِ أَنَّ الْأَلْفَ لَيْسَ ثَمَنَ الْمَجْمُوعِ وَثَمَنُ الْفِضَّةِ بَعْضُ ثَمَنِ الْمَجْمُوعِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ (كَذَا إذَا بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ فَهُوَ حِصَّتُهَا) أَيْ الْحِلْيَةِ (إنْ تَخَلَّصَ بِلَا ضَرَرٍ) وَكَأَنَّ الْمَقْبُوضَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِهِمَا لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِيهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْلُصْ بِلَا ضَرَرٍ (بَطَلَ) الْعَقْدُ (فِيهِمَا) أَيْ السَّيْفِ وَالْحِلْيَةِ أَمَّا الْحِلْيَةُ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا السَّيْفُ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ كَالْجِذْعِ فِي السَّقْفِ.

(بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا صَحَّ فِيمَا قَبَضَ وَاشْتَرَكَا فِي الْإِنَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ كُلُّهُ وَصَحَّ فِيمَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَبَطَلَ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ فَالْفَسَادُ طَارَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ثُمَّ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ فَلَا يَشِيعُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي بَاقِيَهُ بِقِسْطِهِ أَوْ رَدَّهُ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فِي الْإِنَاءِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ قِطْعَةٍ نُقْرَةٍ بِيعَتْ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ بِلَا خِيَارٍ) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ لَا يَضُرُّهُ (صَحَّ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَ) بَيْعُ (كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا) أَيْ كُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ.

وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الِانْقِسَامُ عَلَى الشُّيُوعِ وَفِي صَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ تَغْيِيرُ تَصَرُّفِهِ قُلْنَا الْمُقَابَلَةُ الْمُطْلَقَةُ تَحْتَمِلُ الصَّرْفَ الْمَذْكُورَ فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلصَّرْفِ وَلَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرُ أَصْلِ التَّصَرُّفِ بَلْ وَصْفُهُ إذْ مُوجِبُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْكُلِّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَدَ أَلْفًا يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهَا شِرَاءَهُمَا بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً فَصَارَ الْعَقْدُ فَاسِدًا مِنْ الْأَصْلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ لَوْ نَقَدَ أَلْفًا بَعْدَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا اشْتِبَاهٌ بِمَسْأَلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَأْجِيلًا وَلَا غَيْرَهُ فَنَقَدَ أَلْفًا كَانَ حِصَّةَ الطَّوْقِ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي التَّبْيِينِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِهَا) أَيْ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ، فَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ النَّصْلِ وَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ أَوْ قَالَ لَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي الْحِلْيَةِ لِتَصْرِيحِ الدَّافِعِ بِالْقَيْدِ لِلنَّصِّ كَذَا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَتَخَلَّصُ بِلَا ضَرَرٍ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ هَذَا مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ خَاصَّةً يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ إلَّا بِضَرَرٍ يَكُونُ الْمَنْقُودُ ثُمَّ الصَّرْفُ وَيَصِحَّانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِصَرْفِ الْمَنْقُودِ إلَى الصَّرْفِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزَهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِفَسَادِ الصَّرْفِ وَقَصَدَ جَوَازَ الْبَيْعِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِدُونِ جَوَازِ الصَّرْفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ) يَعْنِي بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي بَاقِيَهُ بِقِسْطِهِ أَوْ رَدَّهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى إنَاءً مَصُوغًا أَوْ قَلْبًا بِذَهَبٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْإِنَاءَ أَوْ بَعْضَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ قِطْعَةٍ نَقْرَةً بِيعَتْ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ بِلَا خِيَارٍ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ لَا يَضُرُّهُ) هَذَا إذَا اسْتَحَقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضَ الْإِنَاءِ وَالنُّقْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ جَازَ الْعَقْدُ وَكَانَ الثَّمَنُ لَهُ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَيَصِيرُ الْعَاقِدُ وَكِيلًا لِلْمُجِيزِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُجِيزِ حَتَّى لَوْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَبْلَ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ بَطَلَ الْعَقْدُ أَيْ فِيمَا اسْتَحَقَّ، وَإِنْ فَارَقَهُ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَالْمُتَعَاقِدَانِ بَاقِيَانِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْعَقْدُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الِانْقِسَامُ عَلَى الشُّيُوعِ) أَيْ لَا عَلَى التَّعْيِينِ فَيَتَحَقَّقُ فِيهِ شُبْهَةُ الرِّبَا لِمُقَابَلَةِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ.

(قَوْلُهُ: قُلْنَا الْمُقَابَلَةُ الْمُطْلَقَةُ) أَيْ عَنْ التَّعَرُّضِ لِقَيْدٍ يَحْتَمِلُ الصَّرْفَ الْمَذْكُورَ أَيْ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ لِأَنَّ عِنْدَ الْوُجُودِ لَا يُوجَدُ إلَّا مُقَيَّدًا لِتَعَذُّرِ وُجُودِ ذَاتٍ بِدُونِ صِفَةٍ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِلصِّفَةِ بَلْ لِلذَّاتِ فَقَطْ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُقَيَّدِ الْمُصَحَّحِ تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِالْإِطْلَاقِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْجِنْسُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ صَحَّ وَلَوْ كَانَ مُنَافِيًا لَمَا صَحَّ فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ الْمُصَحَّحِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمُقَيَّدِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ مُقَابَلَةُ الْكُلِّ بِالْكُلِّ شَائِعًا طَلَبًا لِلصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرُ أَصْلِ التَّصَرُّفِ بَلْ وَصْفُهُ) جَوَابٌ بِالْمَنْعِ لِدَعْوَى مُطْلَقِ تَغْيِيرِ التَّصَرُّفِ بِصَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ وَإِثْبَاتِ تَغْيِيرِ الْوَصْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>