للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُنَازَعَةِ دُونَ جَهَالَةِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ وَالسَّاقِطَ لَا يُفْضِي إلَيْهَا (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمُدَّعَى أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَلَى الْمُدَّعِي (بِالْبَدَلِ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ بَعْضِهِ) فِي الثَّانِيَةِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى بَكْرٍ دَارًا أَوْ بَعْضًا مِنْهَا وَصَالَحَ بَكْرٌ فِي الْأَوَّلِ عَلَى أَلْفٍ وَفِي الثَّانِي عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا رَجَعَ بَكْرٌ عَلَى زَيْدٍ فِي الْأَوَّلِ بِالْأَلْفِ وَفِي الثَّانِي بِخَمْسِمِائَةٍ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ الْمُدَّعِي) وَهُوَ زَيْدٌ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَهُوَ بَكْرٌ (بِالْمُدَّعَى) وَهُوَ الدَّارُ أَوْ بَعْضُهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِوَضٌ عَنْ الْآخَرِ فَأَيُّهُمَا أَخَذَ مِنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ إنْ كُلًّا فَبِالْكُلِّ وَإِنْ بَعْضًا فَبِالْبَعْضِ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ (وَكَإِجَارَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَبَيْعٍ (لَوْ) وَقَعَ الصُّلْحُ (عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَهَذَا الصُّلْحُ كَذَلِكَ (فَشُرِطَ التَّوْقِيتُ فِيهِ وَبَطَلَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ (وَالْأَخِيرَانِ) أَيْ الصُّلْحُ بِسُكُوتٍ وَإِنْكَارٍ (مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ (وَفِدَاءُ يَمِينٍ وَقَطْعُ نِزَاعٍ فِي حَقِّ الْآخَرِ) إذْ لَوْلَاهُ لَبَقِيَ النِّزَاعُ وَلَزِمَ الْيَمِينُ وَهَذَا فِي الْإِنْكَارِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي السُّكُوتِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ فَلَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ عِوَضًا فِي حَقِّهِ بِالشَّكِّ مَعَ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ دَعْوَى تَفْرِيغِ الذِّمَّةِ وَهُوَ الْأَصْلُ (فَلَا شُفْعَةَ فِي صُلْحٍ عَنْ دَارٍ مَعَ أَحَدِهِمَا) يَعْنِي إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ دَارِهِ فَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَ عَنْهَا بِدَفْعِ شَيْءٍ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَبْقِي الدَّارَ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذَا الصُّلْحِ وَيَدْفَعُ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي عَنْ نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا وَزَعْمُ الْمُدَّعِي لَا يَلْزَمُهُ (وَتَجِبُ) أَيْ الشُّفْعَةُ (لَوْ) وَقَعَ (الصُّلْحُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّارِ بِأَنْ تَكُونَ بَدَلًا (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهَا عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ فَيُعَامَلُ بِزَعْمِهِ، وَالْإِقْرَارُ هَاهُنَا مِثْلُهُمَا (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمُدَّعَى أَوْ بَعْضَهُ) فِي صُورَةِ الصُّلْحِ بِسُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ (يَرُدَّ الْمُدَّعِي الْبَدَلَ) أَيْ بَدَلَ الْمُدَّعَى أَوْ بَعْضَهُ (وَيُخَاصِمُ مَعَ الْمُسْتَحِقِّ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَدْفَعْ الْعِوَضَ إلَّا لِيَدْفَعَ خُصُومَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَبْقَى الْمُدَّعَى فِي يَدِهِ بِلَا خُصُومَةِ أَحَدٍ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَقْصُودُهُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ أَوْ بَعْضُهُ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى فِي كُلِّهِ) إنْ اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْعِوَضِ (أَوْ بَعْضِهِ) إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَتْرُكْ الدَّعْوَى إلَّا لِيُسَلَّمَ لَهُ الْبَدَلُ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الْبَدَلُ رَجَعَ بِالْبَدَلِ (هَلَاكُ الْبَدَلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) إلَى الْمُدَّعِي (كَاسْتِحْقَاقِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فَصْلِ الْإِقْرَارِ وَفَصْلِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمُدَّعَى أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ أَوْ بَعْضِهِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ اتِّحَادِ الْحُكْمِ فِي الرُّجُوعِ بِكُلِّ الْبَدَلِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَالتَّصْوِيرُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَكَذَا ادَّعَى دَارًا أَوْ بَعْضَهَا مُعَيِّنًا عَلَى آخَرَ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ فَاسْتَحَقَّ الْمُدَّعِي بَعْضَهُ رَجَعَ بِكُلِّ الْبَدَلِ أَوْ بَعْضِهِ فَبِقَدْرِهِ مِنْ الْبَدَلِ (قَوْلُهُ فَأَيُّهُمَا أَخَذَ مِنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ) الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ رَجَعَ بِمَا ادَّعَى لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ دَفْعٌ بَلْ دَعْوَى (قَوْلُهُ وَكَإِجَارَةٍ لَوْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ فَشُرِطَ التَّوْقِيتُ فِيهِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِأَنْ ادَّعَى شَيْئًا فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ أَوْ سُكْنَى سَنَةٍ وَفِيمَا عَدَاهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ كَمَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى صَبْغِ الثَّوَابِ أَوْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوْ حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى مَوْضِعٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ فَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ بَطَلَ الصُّلْحُ فَيَرْجِعُ بِالْمُدَّعَى وَلَوْ كَانَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ فِيمَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِالْمُدَّعَى بِقَدْرِهِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ وَهِيَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ الْمُدَّعِي يَسْتَوْفِي الْمَنَافِعَ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي فَكَذَلِكَ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَالْوَارِثُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِمَا وَيَبْطُلُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلَيْسَ الثَّوْبُ وَالتَّوْجِيهُ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْإِنْكَارِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي السُّكُوتِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى إيهَامُ عَدَمِ الظُّهُورِ فِي السُّكُوتِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا فِي الْإِنْكَارِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْإِنْكَارِ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَفِدَاءِ الْيَمِينِ وَكَذَا فِي السُّكُوتِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ وَجِهَةُ الْإِنْكَارِ رَاجِحَةٌ إذْ الْأَصْلُ فَرَاغُ الذِّمَمِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالشَّكِّ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ كَوْنُ مَا فِي يَدِهِ عِوَضًا عَمَّا وَقَعَ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِي صُلْحٍ عَنْ دَارٍ مَعَ أَحَدِهِمَا) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَكِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ الْمُدَّعِي فَيُدْلِي بِحُجَّتِهِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا الشَّفِيعُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الصُّلْحَ كَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ اهـ كَذَا بِخَطِّ الْعَلَامَةِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى) هَذَا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِعْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ بِهَذَا وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيْتُ حَيْثُ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى نَفْسِهِ لَا بِالدَّعْوَى لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِيَّةِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>