وفي سنة ٢٥٣ قال ابن القطان: عريت هذه السنة من أخبار أفريقية، فلم يكن فيها خبر مشهورا يجتلب.
وفي سنة ٢٥٤ غزا خفاجة صاحب صقلية بطريقا وصل من القسطنطينية، في جمع كبير نفي البر والبحر، فأنهزم البطريق بعد قتال شديد، وقتل من أصحابه آلاف كثيرة، وأخذ لهم سلاح وخيل. ودخل خفاجة إلى سرقوسة وغيرها؛ فغنم غنائم كثيرة، ورجع إلى بلرم قاعدة أول يوم من رجب.
وفي سنة ٢٥٥ خرج خفاجة صاحب صقلية للغزو؛ فلقيه العدو في جمع كبير؛ فاقتتلوا قتالا شديد، فقتل شجاع من شجعان المسلمين؛ فانكسروا لقتله. فسارة خفاجة إلى سرقوسة فامتنعت منه؛ فأقام عليها، وأفسد زرعها. وفيها توفي خفاجة؛ وذلك أنه؛ لما أكمل غزاته المذكورة، قفل من سرقوسة، يريد بلرم؛ فأدلج ليلا؛ فأغتاله رجل من عسكره، وطعنه طعنه مات منها، وذلك أول يوم من رجب. وهرب الذي طعنه إلى سرقوسة. وحمل خفاجة إلى بلرم؛ فدفن بها. فولى أهل صقلية ولده محمد. وكتبوا بذلك إلى الأمير محمد بن أحمد أبن الأغلب أبي الغرانيق؛ فكتب إليه بالولاية، وخلع عليه.
وقي سنة ٢٥٦ توفي محمد بن سحنون التنوخي، وكان فقيها ورعا - رضي الله عنه -! وفي سنة ٢٥٧ ولى القضاء بإفريقيا عبد الله بن أحمد بن طالب صارفا سليمان بن عمران. وفيها، توفي صاحب صقلية محمد بن خفاجة قتله خدمة نهار لثلاث خلون من رجب، وكتموا أمره، فلم يعرف قتله ألا بعد يوم لهروب الخدم، فأخذوا وقتل بعضهم. فولى صقلية أحمد بن يعقوب بتقديم ابن الأغلب إياه. وولى على الأرض الكبير عبد الله بن يعقوب، فكانت لهما في هذا العالم غزوة أوقعا فيها بالمشركين. ولم يكن في بإفريقيا في سنة سبع خبر يذكر.
وفي سنة ٢٥٨، توفي أحمد بن يعقوب صاحب صقلية، وولى ابنه الحسين مكانه. وأوفر صاحب أفريقيا عليها.