فقيل إنه عرض الرأس على والده، وهو في محبسه؛ فتجلد لحرّ المصيبة، وقال:(هنيئا له الشهادة؟ فتلثم، والله؟ صواما قواما؟) قال الرازي: فكانوا يعدون فعل سليمان هذا بموسى وابنه من كبار زلاته التي لم تزل تنقم عليه. ومكث أهل الأندلس شهورا لا يجمعهم وال، حتى اجتمعوا على أيوب بن حبيب اللخمي، ابن أخت موسى بن نصير.
[ذكر ولاية أيوب بن حبيب الأندلس]
ثم اجتمع أهل الأندلس على تقديم أيوب هذا، يومهم لصلاتهم؛ وكان رجلا صالحا. وأقاموا مدة دون أمير، ونقلوا دار السلطان إلى قرطبة. فتقدم أيوب ابن حبيب، واحتل بقصر قرطبة؛ وكان مغيث قد اختطه لنفسه. فذكر أن موسى ابن نصير، حين أقلعه رسول الوليد، رجع في قفوله على طريق طارق ليختبر الأندلس؛ فنزل قرطبة وقال لمغيث:(إن هذا القصر لا يصلح لك. وإنما يصلح للعامل الذي يكون بقرطبة.) فتنحى عنه يومئذ. ونزله بعد ذلك أيوب ابن حبيب. فكانت ولايته ستة أشهر.
ولاية الحرّ بن عبد الرحمن الثَّقفيّ
لما ولي سليمان بن عبد الملك محمد بن يزيد، مولى ابنة الحكم بن العاصي، إفريقية، كانت الأندلس وطنجة إلى صاحب إفريقية. فوجه محمد بن يزيد الحرّ ابن عبد الرحمن هذا عاملا على الأندلس، في أربعمائة رجل من وجوه إفريقية. فبقى الحرُّ واليا. عليها ثلاث سنين؛ فنقل الحرُّ هذا الإمارة من إشبيلية إلى قرطبة. وكان قدوم الحرّ الأندلس سنة ٩٩ من الهجرة.