للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه السنة، أغرى الحكم عمه عبد الله البلنسي الغزوة الشنيعة المشهورة، وكانت ببرشلونة: ألفي المشركين قد حلوا بها يوم احتلاله، وكان يوم الخميس؛ فأراد من معه مناشبة الحرب، وتشوقوا للقتال؛ فمنعهم حتى إذا كان في اليوم الثاني، وهو يوم الجمعة وقت الزوال، أمر بتعبئة الكتائب، ونصب الردود؛ وقام، فصلى ركعتين؛ ثم نادى في الناس، وركب هو ومن معه، وناهض أهل الشرك. وما أحسبه فعل ذلك إلا ففها وعلما وتأسيا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بالقتال في تلك الساعة: فإن فيها تهب الأرواح، وتفتح أبواب الجنة، وتستجاب الدعوات، فمنحهم الله أكناف المشركين، وانهزموا. وقتل عامتهم، وفرق جمعهم. فلما أقلع عن القتال وانجلت الحرب، نصب قناة طويلة، فأثبتت في الأرض؛ وأمر بالرؤوس؛ فجمعت وطرحت حواليها حتى غابت القناة فيها (ولم تظهر) .

[ذكر دخول الحكم طليطلة حين خالفت عليه]

وذلك أنه أظهر الغزو إلى بلاد المشركين، وقصد تدمير، وهو يريد في نفسه طليطلة. فنزل تدمير، واضطرب فيها، ونازل بعض حصونها. وكتب إلى عمال الثغر بنزوله فيها وحربه لها؛ فأمن أهل طليطلة، وانتشروا في بسائطهم، ونظروا في زروعهم، وله عليهم عيون. فلما صحَّ عبده انبساطهم، جعل يتغرب من أحواز تدمير، وأخبار طليطلة ترد عليه. فلما أمكنته الفرصة فيها، جدَّ السير إليها، وطوى المراحل؛ فوصل إليها ليلا، وسبق بقطيع من الحشم. فدخل طليطلة ليلا، ولم يعلم بدخوله، وأهلها في غفلة، وأبوابها مفتحة. وتتابع العسكر عليه بمقدار قوة كل أحد. فملكها، وحال بين أهلها وبينها، وقطع الخروج عمن كان بها إلى من كان بخارجها. فاستوسق له ملكها دون مئونة ولا قتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>