فتهاون بهم، فخرجوا مغمورين يريدون القيروان، وكان هو في القصر القديم. فلما وصلوا وادي القصارين، قال لهم حفص بن حميد (قد يئسنا من المخلوق فلا نيئس من الخالق! فاسألوا المولى واضرعوا إليه في زوال ظلمه عن المسلمين! فإن فتح في الدعاء، فقد أذن في الإجابة) فتوضأ جميعهم وساروا إلى كدية مصلى رَوْح، فصلى بهم حفص ركعتين، ودعوا الله أن يكف عن المسلمين جور أبي العباس، ويريحهم من أيامه. فيقال أن قرحة خرجت له تحت أذنه، فقتلته في السادس من دعاء القوم. وقال من حضر غسله أنه، لما كشف عنه ثيابه، ضُن إنه عبد أسود بعد جماله وذلك بسوء فعاله، وكانت وفاته ليلة الجمعة لست خلون من ذي الحجة من سنة ٢٠١ فكانت دولته خمسة أعوام وأشهراً.
وفي سنة ٢٠١كان تقديم أهل بغداد منصور بن المهدي أميرا عليهم خديما للمأمون، إلى أن يَقْدَم أو يقَدِّم وكانت وقائع قبل ذلك وبعده. وفيها مات ابن الأغلب كما ذكرناه، وولى أخوه زيادة اله ساعة موته.
[ذكر ولاية زيادة الله بن الأغلب أفريقية وبعض أخباره]
كنيته أبو محمد. وهو أول من أسمه زيادة الله ممن ولى من بني الأغلب بويع يوم الجمعة لسبع بقين من ذي الحجة، فأساء السير في الجند وسفك فيم الدماء وأشتد عليهم في كل وجه. فثار عليه زياد بن الصقلبية بفحص أبي صالح إليه سالم بن سوادة، فهزمه سالم. ثم ثار العامة عليه أيضاً وذلك أن زيادة الله كان أغلظ على الجند، وأمعن في سفك دمائهم، والاستخفاف بهم، وحمله على ذلك سوء ضنه بهم لوثوب على الأمراء قبله وخلافهم على أبيه. وكان أكثر سفكه وسوء فعله إذا سكر، وكثر الخوض عليه. وخالفت الجند عليه وغيرهم، فكانت بينه وبينهم حروب ووقائع، حتى خاف على