ولاه عليها أمير المؤمنين هارون الرشيد، فقدم القيروان غرة ربيع الآخر، فأنس الناس وسكنهم، وأحسن إليهم قال ابن حمادة: وصل هرثمة في جيش كثيف حتى نزل تبهرت، فخرج إليه بن الجارود واقتتل معه فهزم ابن الجارود، وطاعت البربر لهرثمة، وانصرف راجعا إلى القيروان وهو الذي بنى القصر الكبير المعروف بالمنستير. قاله الرقيق.
وفي سنة ١٨٠ كانت الزلزلة العظمى بأرض مصر وسقط رأس منار الإسكندرية.
قال الرقيق: لما رأى هرثمة بن أعين ما رأى من الخلاف بأفريقية وسوء طاعة أهلها، طلب الاستعفاء فكتب إليه الرشيد بالقدوم عليه فرجع إلى المشرق وهو الذي بنى سور طرابلس.
[ولاية محمد بن مقاتل العكي أفريقية]
وفي سنة ١٨١ ولى أمير المؤمنين الرشيد على أفريقية محمد بن مقاتل بن حكيم العكي، فقدمها في رمضان. وكان رضيع الرشيد، وكان أبوه من كبار أهل دولته. وكان محمد هذا غير محمود السيرة، فاضطرب أمره واختلف عليه جنده. ولو لم يكن من سوء سيرته، وقبيح ما يؤثر عنه من أخباره، إلا أقدامه على عابد زمانه وورع عصره البهلول. بن راشد فضربه بالسياط ظلما وحبسه، فكان ذلك سبب موته. ومن أخباره إنه اقتطع أرزاق الجند وأساء السيرة فيهم وفي الرعية، فمشى القائد فلاح في أهل خراسان وأهل الشام، فلم يزل بهم حتى اجتمع رأيهم على مخلد بن مرة الأزدي. وخرج على العكي تمام بن تميم التميمي، وكان عامله بتونس.