قال أبو عبد الله محمد بن سعدون بن علي في تأليفه في (تعزية أهل القيروان بما جرى على البلدان من هيجان الفتن وتقلب الأزمان) قال: فيه باب أذكر فيه من وضع هذه الدعوة التي شرع فيها عبيد الله وذريته والسبب الذي دعاهم لذلك، وباب أذكر فيه تسييرهم الركبان، بدعوتهم ودعاتهم إلى البلدان، وباب أذكر فيه عبيد الله ونسبه وانتمائه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كاذبا، وسبب ملكه المغرب كله قتال: وأول من نصب هذه الدعوة، جد عبيد الله وهو عبد الله بن ميمون القداح الأهوازي - لعنه الله - وكان أبوه ميمون تنتسب إليه فرقة من أصحاب أبي الخطاب، تعرف بالميمونية. وذكر من جملة كلامه قال: وكان عبد الله ادعى لنفسه النبوة، فقصد لسفك دمه، فاختفى، ثم هرب من وطنه، وفر على وجهه متنقلا في البلاد، مستترا، يستر اسمه ومذهبه لئلا يقتل إن عرف، إلى أن وافته منيته بأقبح علة في الشام وأراح الله منه. وأخذ جماعة كمن أصحابه، فقتلوا عن آخرهم ثم ذكر داعيتهم، وما كان منهم مع غواتهم، قال: فمنهم رجلان، أحدهما يعرف بالنجار الكوفي فخرجا من الشام، وتغلبا على اليمن فأنزل الله عليه الأكلة، فتقطع قطعا حتى مات وخلف ابنا له، فكان يكتب إلى أصحابه:(من ابن رب العالمين) - تعالى الله عن قوله - فسار إليه ابن نصير فأظفره الله به، فقتله ودخل مدينته فانتهبها وسباها. وأما الكوفي فرماه الله تعالى بداء في جوفه فكانت تخرج من دبره حتى مات وأما بالسام، فذكر جماعة أبادهم الله تعالى، وكذلك بالبحرين أيضا. ثم قال: وإنما دعاهم لهذا الكفر عبد الله ابن ميمون القداح لأنه صحب قرمطا ودعاه إلى مذهبه، فطاوعه على ذلك وقد اشتهر استخفافهم بالدين، وكثرت به الأخبار وأحاديث وكان ممن