كانت مدينة جراوة عليها سور مبنى بالطوب. وبخارجها عيون مالحة وداخلها آبار كثير طيبة عذبة، وحولها أرباض من جميع جهاتها، وفيها قصبة مانعة وفيها خمس حمامات، وجامع، له خمس بلاطات أسسها أبو العيش عيسى بن إدريس سنة ٢٥٧، ووليها بعد ابنه الحسن بن أبي العيش في سنة ٢٩١، وخرج منها إلى حصن المنصور في سنة ٣١٩، ثم عاد إليها في سنة ٣٢٣، ثم انتقل إلى تلمسان في سنة ٣٢٥. وكان لها أربعة أبواب وحولها فحوص للزرع والضرع وحولها قرى مدغرة على البحر. وعلى الجبل بنو يزناتن، ومن جهة الشرق بنو يفرن من زناتة ومن جهة الغرب قبائل زواغة وغيرهم.
[ذكر مدينة تيهرت]
وأما مدينة تيهرت، فأسسها عبد الرحمن بن رستم بن بهرام، وكان مولى لعثمان بن عفان وكان خليفة لأبي الخطاب أيام تغلبه على إفريقية ولما دخل ابن الأشعث القيروان، فر عبد الرحمن إلى الغرب بما خلف من أهله وماله فاجتمعت إليه الأباضية، وعزموا على بنيان مدينة تجمعهم، فنزلوا بموضع تيهرت وهي غيضة بين ثلاثة أنهار فبنوا مسجدا من أربع بلاطات، واختطة الناس مساكنهم، وذلك في سنة ١٦١. وكانت في الزمان الخالي مدينة قديمة فأحدثها الآن عبد الرحمن بن رستم وبقى بها إلى أن مات في سنة ١٦٨ وقد تقدم ذكر ذلك.