فقلد الأمر الشديد المنعة ... منتهضا بحمله ابن سبعه
صفته: أسمر جميل الوجه جهير الصوت حسن الخلق بعيد الغور في الأمور قتل الشيعة وقط دعوتهم من أفريقية، ولغن أمراءهم بني عبيد على سائر منابر أفريقية ووفى كل واحد من الصحابة حقه، وأقام السنة، وكانت متروكة منذ مائة وأربعين سنة.
[حكاية في ابتداء دولة صنهاجة]
لما تغلب أل عبيد الله على مصر وأراد معد بن إسماعيل الرحيل أليها من إفريقية دعا زيري بن مناد وكان له عشرة أولاد، فقال له:(ادع إلي بنيك. فقد عملت رأي فيهم وفيك) وكان أصغرهم سنا بلقين. فدعا أولاده ما دعاه، والقدر لا يريد سواه. وكانت عند معد بن إسماعيل أثارة من علم الحدثان، قد عرف بها بصائر أحوالها وأهل الغناء من أعيان رجاله. وكانت عنده لخليفته على أفريقية والمغرب، إذا صار إليه ملك مصر، علامة. فنظر في وجوه بني زيري، فلم يرها، فقال لزيري:(هل غادر من بنيك أحدا؟) فقال له: (غلاما صغيرا) فقال المعز: (لا أراك حتى أراه! فلست أريد سواه!) فلما رآه عرفه، وفوض إليه من حينه، واستخلفه، فاستولى من وقته على الأمور وزاحمت مهابته الأهواء في الصدور، وبعدت أسفاره واشتهرت أخباره، وبلغ بغزاوته سبتة في خبر طويل. ثم أجاب صوت مناديه وخلعها على أعطاف بنيه حتى أنتها أمره إلى المعز بن باديس شرف العشيرة، وآخر ملوكها المشهورة. ومن العجب أنهما راقا في الاسم والكنية، أعني المعز ابنا تميم معد بن إسماعيل العبيدي صاحب الحدثان، والمعز أبا تميم هذا.