ولايته وخلعَ عليه. وكان أبو محمد زيادة الله هذا عاقلا حليما حسن السيرة جميل الأفعال، ذا رأي ونجدة وجود وشجاعة. وهو الثاني ممن أسمه زيادة اله في بني الأغلب. ول تطل في الملك مدته، فتكون له أخبار تؤثر. وتوفي ليلة السبت لعشر بقين من ذي القعدة من سنة ٢٥٠ فكانت دولته سنة واحدة وسبعة أيام.
[ولاية أبي الغرانيق محمد بن أحمد بن محمد بن الأغلب]
ولي سنة ٢٥٠، وهو ابن أخي زيادة الله المتوفى قبلُ. ولي يوم السبت لعشر بقين من ذي القعدة، ولقب بأبي الغرانيق لأنه كان يهوى صيدها، حتى بنى قصرا يخرج إليه لصيدها، أنفق فيه ثلاثين ألف مثقال من الذهب. وكان مسرفا في العطاء، مع حسن سيرة في الرعية. ثم غليت عيه اللذات والانشغال بها فلم يزل كذلك طول مدته، ولم تكن له همة في جمع مال. فلما مات لم يجد أخوه في بيتا المال شيئا يذكر، وكانت ولايته حروبا أكثرها على ما يأتي ذكره.
وفي سنة ٢٥١ كانت غزوة السرية المعروفة بسرية ألف فارس، وذلك أن خفاجة صاحب صقلية غزا قصر يانة، فأفسد زرعه وسار إلى سرقوسة فقاتل أهلها. ثم رحل عنهم وأخرج ابنه محمدا إليهم في سرية فكمن لهم وقتل منهم ألف فارس، فسميت تلك السرية سرية ألف فارس.
وفي سنة ٢٥٢، بنى محمد بن حمدون الأندلسي المعافري الجامع الشريف بالقيروان المنسوب إليه: بناه بالآجر والجص والرخام، وبنى فيه جبابا للماء. وغزا خفاجة صاحب صقلية أرض الروم، وافتتح حصونا كثيرة؛ ثم مرض مرضا شديدا، فانصرف في محمل إلى بلرم.