قال أبو محمد: وانتقل الأمر بالمشرق إلى بني العباس؛ فكانت دولتهم أعجمية: سقطت فيها دواوين العرب، وغلب عجم خراسان على الأمر، وعاد الأمر ملكا عضوضا كسرويا، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة - رضهم - بخلاف ما كانوا عليه بنو أمية من استعمال ذلك في جانب عليّ - رضي الله عنه -، وكفاهم ذلك قبحا وباطلا، حاشا عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ويزيد بن الوليد؛ فإنهما لم يستجيزوا ذلك. وافترقت في دولة بني العباس كلمة المسلمين؛ فتغلبت في البلاد طوائف من الخوارج وشيعة ومعتزلة، ومن ولد إدريس وسليمان ابني عبد الله بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب - رضهم -؛ ومنهم من بني أمية تغلبوا على الأندلس، وكثير من غيرهم. وفي خلال هذه الأمور من اختلاف الكلمة، تغلب الكفار على نحو نصف الأندلس، وعلي نحو نصف السند؛ فأما ما لم يملكه العباسيون، فهو ما وراء الزاب من بلاد المغرب وتلمسان وأنظارها، كان فيها شيعة، ثم آل ملكها إلى إدريس؛ وأما تامسنا، ففيها أولاد صالح بن طريف على ضلالتهم؛ وأما سجلماسة، فنزلها رئيس الصفرية. هذه هي البلاد المتفق عليها، وأما المختلف فيها، فإفريقية؛ قيل إنه كان فيها عبد الرحمن بن حبيب ثائراً، وفي الأندلس يوسف بن عبد الرحمن الفهريُّ.
[ذكر دخول عبد الرحمن بن معاوية]
[ابن هشام إلى الأندلس وهروبه من الشام]
قال الرازي: وفي سنة ١٣٦، ابتدأ عبد الرحمن بن معاوية بمداخلة مواليه من الأمويين بالأندلس. وفي هذه السنة، تفرق ولد معاوية، وولد هشام، وكل من فيه بقية من ولد مروان وأمية. فخرج عبد الرحمن بن معاوية مختفيا