اتفق الأكثرون على أن التقاءهما كان على طليطلة. وذكر الطبري أنه كان على قرطبة. وذكر الرازي أن طارقا خرج من طليطلة لما بلغه مسيره إليه، فلقبه بمقربة من طلبيرة. وكان موسى، لما فرغ من أمر ماردة، نهض يريد طليطلة؛ فخرج إليه طارق معظما له، ومبادرا لطاعته؛ فوبخه موسى، وغضب عليه. وقيل إنه وضع السوط على رأسه؛ وقيل إنه ضربه أسواطا كثيرة وحلق رأسه. ثم سار به إلى طليطلة، وقال له:(ايتني بما أصبت وبالمائدة!) فأتاه بها، وقد اقتلع رجلا من أرجلها؛ فقال له:(أين الرجل؟) فقال له: (هكذا وجدتها!) فأمر موسى؛ فعمل لها رجل من ذهب، وأدخلها في سفط.
واختلفت الروايات لم فعل موسى مع طارق ما فعل من السخط عليه؛ فقيل: إنما فعل ذلك بغيا ونفاسة عليه؛ واستدلوا على ذلك بادعائه خصال طارق وأخذ المائدة عند الخليفة. ومنهم من عذره وقال: إنما فعل ذلك به لتقدمه دون رأيه، وهو مولاه، وعلى توغله بالمسلمين، وتغريره بهم. واتصل بهذا في كتاب الرازي أن الوليد بعث إلى موسى رسولا؛ فأخذ بعنان دابته، وأخرجه من الأ، دلس، ومعه طارق ومغيث. وخلف ابنه على الأندلس، وأبقى معه وزيرا حبيب بن أبي عبدة بن عقبة بن نافع.
ولما التقى موسى بطارق، وجرى له معه ما جرى، تقدم من طليطلة إلى سرقسطة؛ فافتتحها، وافتتح ما حولها من الحصون والمعاقل. وذكروا أن موسى خرج من طليطلة غازيا، بفتح المدائن، حتى دانت له الأندلس. وجاءه أهل حليقية يطلبون الصلح؛ فصالحهم. وفتح بلاد البشكنش، وأوغل في بلادهم حتى أتى قوما كالبهائم. وغزا بلاد الإفرنج. ثم مال حتى انتهى إلى سرقسطة؛