عرب البلد والبربر، وهو يبيع السبي في النداء، ويعبث ويبطر؛ فكان يبيع الشيوخ والأشراف ممن ينقص، لا ممن يزيد، وكان فيهم عليُّ بن الحصين، والحارث بن أسد من أهل المدينة، فابتدأ المنادي عليهما بعشرة دنانير؛ فلم يزل ينادي:(من ينقص؟) حتى باع أحدهما بعتود، والآخر بكلب. فبينا هو على هذه الحال من العبث والبغي، وقد أوقف رجالهم، وأبرزهم للقتل، وذلك يوم جمعة، إذ قدم أبو الخطار؛ فألقاهم بهذه الحال. فأمر بإطلاقهم؛ فسمى ذلك العسكر عسكر العافية. وكان أهل الأندلس طلبوا من صاحب إفريقية حنظلة ابن صفوان عاملا يجمع كلمتهم، إذ كانت الكلمة مفترقة، والقتل ذريعا، ولا يأمنون تغلب العدو عليهم؛ فأرسل إليهم أبا الخطار هذا. واجتمع على أبي الخطار أهل الشام وعرب البلد، ودانت له الأندلس. ثم أنه أمن ابني عبد الملك بن قطن، وأنزل أهل الشام في الكور، وتعصب لليمانية، واعتزل قيسا؛ فكان ذلك سبب توثب الصميل بن حاتم عليه مع مضر، بعد أن ولي سنتين؛ وقيل: وتسعة أشهر؛ وقيل: ثلاث سنين.
[ذكر الصميل بن حاتم وسبب الفتنة]
قال في (كتاب بهجة النفس) : كان الصميل بن حاتم هذا جده شمر قاتل الحسين - رضي الله عنه - وهو من أهل الكوفة؛ فلما قتله، تمكن منه المختار بن أبي عبيد؛ فقتله، وهدم داره؛ فارتحل مع ولده من الكوفة، وصاروا بالجزيرة؛ ثم صاروا في جند قنسرين. فرأس الصميل بالأندلس، وفاق بالنجدة والسخاء. فاغتم أبو الخطار به؛ فدخل عليه يوما، وعنده الجند؛ فأحب كسره؛ فأمر عليه؛ فشتم، ولكز؛ فخرج عنه مغضبا، وأتى داره؛ ثم بعث إلى خيار قومه؛ فشكا إليهم ما لقى؛ فقالوا:(نحن تبع لك!) فقال: (والله ما أحب أن أعرضكم للقضاعية ولا لليمانية! ولاكني سأتلطف، وأدعو إلب مرج راهط، وأدعو