للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير يستغيثون بما نزل بهم من الكاهنة فتفرقوا على الأندلس وسائر الجزر البحرية. وكانت الكاهنة لما أسرت ثمانين رجلاً من أصحاب حسان أحسنت إليهم وأرسلت بهم إلى حسان وحبست عندها خالد بن يزيد فقالت له يوماً: (ما رأيت في الرجال أجمل منك ولا أشجع وأنا أريد أن أرضعك فتكون أخاً لولدي) وكان له ابنان أحدهما بربري والآخر يوناني وقالت له (نحن جماعة البربر لنا رضاع: إذا فعلناه نتوارث به) فعمدت إلى دقيق الشعير فلثته بزيت وجعلته على ثديها ودعت ولديها وقالت (كلا معه على ثديي) ففعلا فقالت (قد صرتم اخوة) .

[ذكر مقتل الكاهنة الملكة]

ثم إن حسان توافت عليه فرسان العرب ورجالها من قبل أمير المؤمنين عبد الملك فدعا حسان عند ذلك برجل يشق به وبعثه إلى خالد بن يزيد بكتاب. فقراه وكتب في ظهره (أن البربر متفرقون لا نظام لهم ولا رأى عندهم فأطو المراحل وجدوا في السير) وجعل الكتاب في خبزة وجعلها زاداً للرجل ووجهه بها إلى الأمير حسان فلم يغب عن خالد بن زيد إلا يسيراً حتى خرجت الكاهنة ناثرة شعرها تضرب صدرها وتقول (يا ويلكم يا معشر البربر ذهب ملككم فيما يأكله الناس) فافترقوا يميناً وشمالاً يطلبون الرجل فساره الله تعالى حتى وصل حساناً فكسر الخبزة وقرأ الكتاب الذي كتب إليه خالد فوجده قد أفسدته النار فقال له حسان: (ارجع إليه) فقال الرجل: (إن المرأة كاهنة: لا يخفى عليها شيء من هذا) فرحل حسان بجنوده إليه وبلغ الكاهنة خبره فرحلت من جبل أوراس في خلق عظيم ورحل إليها حسان فلما كان في الليل قالت لبنيها: (إني مقتولة) وأعلمتهم أن رأسها مقطوع موضوعاً بين يدي ملك العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>