المسجد وبنيان الوجه للبلاطات الأحد عشر بلاطا سبعة أمداد وكيلين ونصف كيل من الدراهم القاسمية. وجملة ما أنفق عبد الرحمن الناصر في بناء مدينة الزهراء وقصورها خمسة وعشرون مدبا من الدراهم القاسمية وستة أقفزة وثلاثة أكيال ونصف.
[ذكر بناء مدينة الزهراء بقرطبة]
[أعادها الله للإسلام بفضله]
ابتدئ بنيانها في أيام الناصر من أول سنة ٣٢٥. وكان يصرف فيها كل يوم من الصخر المنجور ستة آلاف صخرة سوى التبليط في الأسوس؛ وجلب إليها الرخام من قرطاجنة إفريقية ومن تونس؛ وكان الأمناء الذين جلبوه عبد الله بن يونس، وحسن القرطبي، وعليُّ بن جعفر الإسكندراني؛ وكان الناصر يصلهم على كل رخامة بثلاثة دنانير، وعلى كل سارية بثمانية دنانير سجلماسية. وكان فيها من السواري أربعة آلاف سارية وثلاثمائة سارية وثلاث عشرة سارية، المجلوبة منها من إفريقية ألف سارية وثلاث عشرة سارية. وأهدى إليه ملك الروم مائة وأربعين سارية؛ وسائر ذلك من رخام الأندلس. وأما الحوض الغريب المنقوش المذهب بالتماثيل، فلا قيمة له، جلبه ربيع الأسقف من القسطنطينية من مكان إلى مكان حتى وصل في البحر؛ ووضعه الناصر في بيت المنام في المجلس الشرقي المعروف بالمؤنس؛ وكان عليه اثنا عشر تمثالا من الذهب الأحمر مرصع بالدر النفيس العالي مما صنعه بدار الصنعة بقصر قرطبة. وكان المتولي لهذا البنيان المذكور ابنه الحكم، لم يتكل الناصر فيه على أمين غيره. وكان يخبز في أيامه كل يوم يرسم حيتان البحيرات ثماني مائة خبزة، وهذا من أعظم الأشياء إلى ما فوق ذلك.
وكان الناصر قد قسم الجباية على ثلاثة أثلاث: ثلث للجند، وثلت للبناء، وثلث مدخر. وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ألف