الجيوش والأمم عليها، فصارت كأن لن تغن بالأمس. فلم تكن بصرة بالمغرب إلى الآن، ودثر رسمها. وكانت قديمة أزيلت. وقد تقدم ذكرها. ثم صار منها إلى أصيلا.
[ذكر مدينة أصيلا]
وأما أصيلا، فهي محدثة وكان سبب بنائها أن المجوس خرجوا بساحلها، وزعموا أن لهم بها أموال وكنوزا، تركها لهم الأوائل الذين كانوا يسكنون السواحل وأخرجهم منها عامة القبائل. فلما نزلوا في البر لأخذ أموالهم، اجتمع البربر لقتالهم فقالوا:(لم نأت لحرب؛ وإنما لكنوز في هذا الموقع. فكونوا ناحية حتى نستخرجها، ونشارككم فيها) فاعتزل البربر عنهم لما سمعوا ذلك منهم. فحفر المجوس مواضعهم، واستخرجوا دخنا كثيرا عفنا. فلما رآه البربر، ظنوه ذهبا. فبدروا إليهم. وهرب الروم إلى مراكبهم. فأصاب البربر الدخن، فندموا ورغبوا إلى المجوس في الرجوع واستخراج المال، فأبوا وقالوا:(قد نقضتم العهد) وساروا إلى الأندلس، فحينئذ خرجوا بأشبيلية على ما يأتي ذكره في أخبار الأندلس. فاتخذ الناس موضع أصيلا رباطا، وانتابوا إليه من جميع الأمصار. فكانت تقوم في سوق جامعة ثلاث مرات في السنة (في رمضان وفي العواشر، وفي عاشوراء) .
ومما قيدته واختصرته من (كتاب المسالك والممالك) لمحمد بن يوسف القروي قال: ومن المدن القديمة على ساحل بحر الغرب أصيلا، وهي في سهلة من الأرض، كانت مدينة للأول. ثم تغلب عليها البحر ثم بنيت بعد ذلك، وكان سبب بنائها، ان المجوس خرجوا من مرساها مرتين، ما الأولى، فأنهم صدقوا إليها، زاعمين أن لهم بها مالا وكنوزا، فاجتمع البربر لقتالهم حسبما ذكرت ذلك، وأما خروجهم الثاني، فأن الريح قذفت بهم إليها