من الشام، كلثوم بن عياض؛ فإن أصيب، فأين أخيه بلج؛ فإن أصيب، فثعلبة. فأقعد أصحابه ثعلبة بن سلامة بما عهد به هشام إليهم، وبايعوه. وثار من بقى من البربر بماردة في أيامه؛ فغزاهم، وقتل منهم خلقا كثيرا وأسر منهم نحو الألف؛ وانصرف إلى قرطبة. فسار بأحسن سيرة. وكانت ولايته عشرة أشهر. هذا مساق ابن القطان. ومن (درر القلائد) : كان يبيع ذراري أهل البلد، ويحملهم أسرى، ويرهقهم من أمرهم عسرا. فكان ثعلبة معهم على هذه الحال، إلى أن ورد أبو الخطار.
[ذكر ولاية أبي الخطار]
[الحسام بن ضرار الكلبي الأندلس]
وفي سنة ١٢٥، ركب أبو الخطار البحر من ناحية تونس في المحرم، وحل بقرطبة؛ فألقى ثعلبة بن سلامة بالمصارة، ومعه الأسرى والسبي من عرب قرطبة، قد اشتبك في الحبال الولد بالوالد؛ فأمر أبو الخطار باطلاقهم، وحلهم من وثاقهم؛ وجمع الناس بعد افتراقهم، وصرفهم إلى معهود إيقافهم؛ فدانت له جماعتهم، وفرق أهل الشام على الكور، ونظر لسواهم أيضا بأحسن النظر؛ فأنزل أهل دمشق بالبيرة، أهل الأردن برية، وأهل فلسطين بشذونة، وأهل حمص بإشبيلية، وأهل قنسرين بجبان، وأهل مصر بباجة، وبعضهم بتدمير. وكان إنزالهم على أموال العجم من أرض ونعم. ودخل في ذلك الوقت الصُّميل بن حاتم - وسيأتي ذكره - وتعصب المضربون معه، وأتوا إلى قرطبة، حيث أبو الخطار؛ فخرج إليهم دون عدة؛ فهزمه القوم، وقبضوا عليه، وأثقلوا بالحديد رجليه. ثم إنه أفلت من كبله، ومد ما انقبض من حبله.
ومن (كتاب بهجة النفس) ، قال: (لما هزم ثعلبة البربر، سبي ذراريهم، ولم يكن قبل بلج ولا غيره يتعرض للذرية بسباء. فأقبل إلى قرطبة بعدد من السبي كثير، حتى نزل طرف المصارة من قرطبة، ومعه الأسرى والسبي من