لما غلبت الصفرية على أفريقيا بعد أن قتلت ورفجومة من قتلت من قريش وغيرهم، خرج جماعة من عربها إلى المنصور يستنصرون به على البربر ويصفون له ما نالهم منهم. فولى أبو جعفر بن الأشعث مصر. فوجه أبا الأحوص. فهزمته البربر كما تقدم. فكتب أبو جعفر إلى ابن الأشعث أن يسير بنفسه، فخرج إلى أفريقية في أربعين ألفا، عليها ثمانية وعشرون قائدا. فالتقوا بأبي الخطاب، وكان قد جمع أصحابه في كل ناحبة، ومضوا في عدد عظيم. فضاق ذرع ابن الأشعث بلقاء أبي الخطاب لما بلغه كثرة جيوشه. ثم أن زناتة وهوارة تنازعت فيما بينها، واتهمت زنانة أبا الخطاب في ميله مع هوارة. فارقه جماعة منهم وبلغ ذلك بن الأشعث فسر به ورحل إليه. فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم البربر وقتل أصحاب أبي الخطاب وأبو الخطاب. فظن ابن الأشعث ألا بقية بعد أبي الخطاب. ثم طلع عليهم أبي هريرة الزناتي في ستة عشر ألفا. فتلقاهم أبي الأشعث فهزمهم وقتل بعضهم، وذلك في ربيع الأول من السنة. ووجه أبي الأشعث برأس أبي الخطاب إلى بغداد. ولما انتهى إلى عبد الرحمن ابن رستم قَتل أبي الخطاب وولى هاربا إلى موضع تبهرت، فاختطها ونزلها وأخذ أهل القيروان عامله عليها فأوثقوه في الحديد وولوا على أنفسهم عمرو بن عثمان القرشي، إلى أن وفد عليهم أبي الأشعث ودخل القيروان غرة جمادى الأولى من السنة.
وفي هذه السنة وأمر ابن الأشعث بناء سور القيروان في ذي القعدة وكان تمامه في رجب سنة ١٤٦. وضبط ابن الأشعث أفريقية وأعمالهم وأمعن في كل من خالفه من البربر بالقتل فخافوه وأذعنوا له بالطاعة. ثم ثار عليه موسى بن موسى بن عجلان كان أحد جنده، في جماعة من قواده فأخرجوا ابن