الأندلس. وكان دخول موسى الأندلس سنة ٩٢، وهو ابن ستين سنة، وأقام واليا بإفريقية ست عشرة سنة، وقفل منها سنة ٩٥.
[أخبار الأمير أبي عبد الرحمن موسى بن نصير]
[رحمه الله تعالى]
لما دخل موسى إفريقية، وجدها قد قحطت قحطا شديداً؛ فأمر الناس بالصيام والخروج إلى المصلَّى، الرجال على حدة، والنساء على حدة، والصبيان على حدة، وكذلك جميع البهائم مع أصنافها. فاجتمعوا في موضع واحد، ودعا الله تعالى، ودعا الناس معه، وبكى، وبكوا، وبكى الصبيان والنساء، وصاحت البقر والعجل والغنم والخرفان وأهل الذمة. فأقاموا كذلك حتى انتصف النهار. ثم خطب الناس؛ فلم يلبث أن سقوا سقا شافيا.
وخرج موسى من إفريقية، واستخلف عليها عبد الله ابنه. وحمل موسى معه من إفريقية من وجوه البربر مائة رجل وعشرين ملكا من ملوك الروم؛ فخرجوا معه بأصناف ما كان في كل بلد من طرائفها وذهبها وفضتها وجوهرها وياقوتها، ما لا يحصى ولا سمع بمثله، حتى انتهى إلى مصر؛ فلم يبق بها شريف، ولا فقيه، ولا عظيم، إلا ودفع إلى سليمان بن عبد الملك عشرة آلاف دينار. ثم خرج من مصر؛ فتوجه إلى فلسطين؛ فتلقاه آل روح بن زنباع الجذامي؛ فنزل بهم؛ فنحروا خمسين جملا. ثم خرج من عندهم، وترك بعض أصحابه وصغار ولده عندهم، وأفرغ على آل روح بن زنباع كثيرا من الكسي والوصائف والوصفات، وغير ذلك من الأموال.
وكان موسى، قبل خروجه من المغرب، قدم عليه ولده مروان من السوس الأقصى، وهو يجر الدنيا جرا. ولما وصل رسوله إلى أبيه، يعلمه به وبما يأتي به من السبي، خرج إليه في وجوه الناس يتلقاه؛ فلما التقيا، قال مروان بن موسى:(مروا لكل من يلقاني مع أبي بوصيفة وصيفة!) فلما أمر بذلك، سمع موسى