للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نبذ من وقعة باب تونس أحد أبواب القيروان]

وذلك أن العرب دفعت إلى هذا الباب، فخرج إليهم العامة منهم بسلاح، ومنهم من بيده عصا لا يدفع بها أضعف الكلاب، فحملت عليهم فرسان العرب وتمكنت منهم سيوفهم ورماحهم، فتساقطوا على وجوههم وجنوبهم، وسطحوهم من حد أفران الآجر إلى هذا الباب ولم يبق منهم إلا من حصنه أجله، ولم يتركوا على حي ولا ميت خرقه تواريه. وخرج أهل القتلى عند انصراف العرب، فرفعوا قتلاهم، فقامت النوائح والنوادب بكل جهة ومكان من أزقة القيروان، تنصدع لمناظرهم وسماعها الجبال. وبقى خلق من الغرباء في المقتلة، وجرح من الناس خلق كثير، ورأى الناس ما أذهلهم من قبيح تلك الجراحات، فتفتتت الأكباد، وذابت القلوب والأجساد، لبنيات قد سودن وجوههن وحلقن ورؤوسهن على أبنائهن وإخوانهن. فكان هذا يوم مصائب وأنكاد ونوائب. ولم ير الناس مثله في سائر الأمصار، فيما مضى من الأعصار. وبات الناس في هم وغم. تم كلام ابن شرف مختصرا.

[هزيمة صنهاجة أيضا بجبل حيدران]

[وهزيمة المعز بن باديس من وجه آخر]

قال أبو الصلت: ثم برز المعز إلى لقاء العرب الواصلة من المشرق، وجرد عساكره، وقدم عليه أبو سلبون، وزكنون بن واعلان، وزيري الصنهاجي، وعاد هو إلى القيروان. فلما كان عيد النحر، انهزمت صنهاجة، وقتل منها كثير، فخرج هو بنفسه إليهم، وانتشبت الحرب بينه وبين العرب، فهزمته العرب، وثبت المعز طائفة من عبيده، ثم عاد إلى المنصورية. فأحصى من

<<  <  ج: ص:  >  >>