ولما بلغ أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك قَتْلُ كلثوم بن عياض وأصحابه بعث إلى أفريقية والمغرب حنظلة بن صفوان الكلبي. وكان عامله على مصر ولاه عليها سنة ١١٩. فقدمها في شهر ربيع الآخر منها. فبعث إليه أهل الأندلس أن يبعث إليهم عاملا، فوجه إليهم أبا الخطار حسام بن ضرار الكلبي. فسار في البحر من تونس إلى الأندلس، واليا عليها. فقدمها في رحب، وسأذكر خبره في أخبار الأندلس إن شاء الله.
ومن أخبار حنظلة أمير أفريقية مع بعض القبائل الغربية: وذلك لما استقر حنظلة بالقيروان، لم يمكث فيها إلا يسيرا، زحف إليه عكاشة الصفري الخارجي، في جمع عظيم من البربر، وزحف أيضا إلى حنظلة عبد الواحد بن يزيد الهواري في عدد عظيم. وكانا افترقا في الزاب. فأخذ عكاشة على طريق مجانسة. فنزل في القيروان، وأخذ عبد الواحد على طريق الجبال، وعلى مقدمته أبو قرة المغيلي. فرأى حنظلة أن يعجل قتال عكاشة، قبل أن يجتمعا عليه. فزحف إليه بجماعة أهل القيروان. فالتقوا بالقرن، وكان بينهم قتال شديد فهزم الله عكاشة ومن معه، وقتل من البربر ما لا يحصى كثرة، وقيل إن حنظلة لما رأى ما دهمه من البربر قال لأصحابه:(نستمد أمير المؤمنين!) فقال له شاب جميل الوجه: (بل نخرج إلى عدونا حتى يحكم الله بيننا!) فعزم حنظلة، وخرج فهزم الله عكاشة في خبر طويل.
قال عبد الله بن أبي حسان: فأخرج حنظلة كل ما في الخزائن من السلاح وأحضر الأموال، ونادى في الناس فأول من دخل عليه، رجل من بحصب فقال له:(نصر بن ينعم!) قال: فتبسم حنظلة كالمكذب له وقال له (بالله أصْدُق!) فقال (والله) مالي أسم غير ما قلت لك فتفاءل به وقال (نصر وفتح) فأعطى الناس وخرج