ألف من البربر مع أمير منهم. وكانوا قد اقتسموا بلاد أفريقية وحريمها وأموالها؛ فهزمهم الله تعالى بأهل القيروان، وهم في أثنى عشر ألف مقاتل، نصرهم الله تعالى عليهم؛ وخبرهم طويل، يمنع من إيراده هنا خيفة التطويل،. وكان طريف هذا من جملة قواد هذا العسكر؛ وإليه تنسب جزيرة طريف. فلما هزمهم الله بأهل القيروان، تفرقوا، وقتل من قتل منهم، وتشتت جمعهم، سار طريف إلى تامسنا، وكانت بلاد بعض قبائل البربر. فنظر إلى شدة جهلهم؛ فقام فيهم، ودعا إلى نفسه. فبايعوه وقدموه على أنفسهم. فشرع لهم ما شرع، ومات بعد مدة. وخلف من الولد أربعة. فقدم البربر ابنه صالحا. فأقام فيهم على الشرع الذي شرعه أبوه طريف. وكان قد حضر مع أبيه حرب ميسرة الحقير ومغرور بن طالوت الصفريين. فأدعى إنه أنزل عليهم قرآنهم، الذي كان يقرءونه؛ وقال لهم إنه صالح المؤمنين، الذي ذكره الله في كتابه العزيز. وعهد صالح إلى ابنه الياس بديانته، وعلمه شرائعه وفقهه من دينه، وأمره ألا يظهر الديانة حتى يظهر أمره، وينتشر خبره، فيقتل حينئذ من خالفه. وأمره، موالاة أمير المؤمنين بالأندلس. وخرج صالح إلى المشرق، ووعده إنه يرجع في الدولة السابع من ملوكهم، وزعم إنه الهدي الذي يكون في أخر الزمان لقتال الدجال وأن عيسى - عم - يكون من رجاله وأنه يصلي خلفه. وذكر في ذلك كلاما نسبه إلى موسى - عم -.
فولى بعد خروجه إلى المشرق ابنه الياس خمسين سنة. فكتم شريعته إلى سنة ١٧٢. فخرج عن ذلك كله من أمر صالح وابنه أن ابتداءه كان في هذه السنة، أو التي قبلها، وما يأتي بعدها من السنين، إذ خمسون سنة أخرها سنة ١٧٢، مبدأها سنة ١٢٤ أو نحوها، والله أعلم.