فبقي بها إلى أن توفي بالقيروان في العشر الأخرى من شوال من سنة ١٩٦ وعمره خمس وستون سنة وولايته أفريقية اثنا عشرة سنة واشهر.
[ولاية عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أفريقية]
وفي سنة ١٩٦ ولي عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أفريقية. وذلك إنه لما مات إبراهيم بن الأغلب، كان ابنه عبد الله هذا غائبا بمدينة طرابلس؛ فقام له أخوه زيادة الله بالأمر، وأخذ له البيعة على نفسه وعلى أهل بيته وجميع رجاله وخدمته، وبعث إليه بذلك.
وفي سنة ١٩٧ قدم أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب من طرابلس؛ فتلقاه أخوه زيادة الله، وسلم الأمر إليه. وحمل عبد الله في إمارته على أخيه زيادة الله حملا شديدا؛ وكان يتنقصه، ويأمر ندماءه بإطلاقه ألسنتهم بسبه، وزيادة الله مع ذلك يظهر له التعظيم والتجبيل والصنع الجميل، ولا يظهر له ثغيرا ولا يظهر عليه منه أثر. وقد كان عبد الله بن إبراهيم أراد أن يحدث جورا عظيما على رعيته فأهلكه الله فبل ذلك. وكان من أجمل الناس وجها، وأقبحهم فعلاً، وأعظمهم ظلما، أحدث بأفريقية وجوها من الظلم شنيعة، منها قطع العشر حبا، وجعله ثمانية دنانير للقفيز وأصاب أو لم يصب، وغير ذلك من الظلم والمغارم والمظالم. فأشتد على الناس ذلك.
وفي سنة ١٩٨، قتل الأمين بن الرشيد: قتله ابن طاهر عامل أخيه المأمون؛ وذلك لخمس بقين من المحرم. واستخلف أخوه المأمون؛ فأقر عبد الله بن الأغلب على أفريقية. ولما قدم حفص بن حميد الصالح على أفريقية، ومعه قوم صالحون من الجزيرة، قصدوا إليه؛ فوعظوه في أمر الدين ومصالح المسلمين.