الياس تونس، وودعه للخروج إليها، وعبد الرحمن إذ ذاك مريض. فدخل عليه، وهو في غلالة ورداء، وابن له صغير في حجرة، فقعد طويلا، وعبد الوارث يغمزه. فلما قام يودعه أكب علية ووضع السكين بين كتفيه حتى وصل إلى صدره ثم ردة يده على السيف فضربه، وخرج هاربا دهشا. فقال له أصحابه:(ما فعلت؟) قال: (قتلته!) قالوا: (أرجع! فهز رأسه!) فرجع وهز. وثارت الصيحة. وأخذ الياس أبواب دار الإمارة، وسمع ابنه حبيب الصيحة، فأخبر بقتل والده، فأختفى، ثم تحامل على وجهه إلى باب تونس أحد أبواب القيروان فخرج منه ومضى إلى عمه عمران بن حبيب، وهو والي تونس لوالده فكانت ولاية عبد الرحمن بن حبيب أفريقية عشر سنين وسبعة أشهر. وكان أول ثائر متغلب على بلاد أفريقية
[ولاية الياس بن حبيب أفريقية]
ولما قتل أخاه، ولي أمور أفريقية والقيروان، وحبيب عند عمه عمران بتونس. فأخبره بخبر أبيه، ولحق بهما مواليهما وعبيدهما من كل ناحية. فخرج إلياس، وأتاه حبيب وعمران بمن معهما؛ فهموا بالقتال، ثم اصطلحوا على أن يعود عمران إلى ولاية تونس وصطفورة والجزيرة، ويكون حبيب على قفصة وقسطليلة، وألياس لسائر أفريقية والمغرب. ومضى الياس مع أخيه عمران إلى تونس؛ فوثب عليه ألياس، وبعث به إلى الأندلس. وولي على تونس محمد ابن المغيرة، وانصرف إلى القيروان؛ فبلغه عند حبيب أخبار كرهها. فعلم ذلك حبيب؛ فدس له من زين له الخروج إلى الأندلس؛ ففعل؛ ووجه معه شقيقه عبد الوارث ومن أحب من مواليه. فركبوا البحر، وقد تعذرت بهم الريح؛ فكتب حبيب إلى الياس يعلمه بأن الريح ردته، ووقفوا بطية. فكتب الياس إلى عاملة بها يحذره من أمره. فسمع به موالي عبد الرحمن وأهل طاعته؛ فأتوا إليه من كل ناحية، وطرقوا سليمان بن زياد عامل الياس ليلا،