عدا عليه أبو أيوب بجيان في دبة حملت على العاقلة!) قال الأمير:(فما تحب في أمره؟) قال: (الكتب إليه بالكف عنه، وأن لا يؤخذ بغير ما لزمه!) فقال الأمير: (أو خير من ذلك! يؤدي الدية عنه وعن قومه من بيت المال، إذ هو منك بهذه المنزلة، وإذ أنت له بهذه العناية!) فأكثر هشام الشكر لوالده؛ ثم أمر الإمام بأداء الدية من بيت المال، وبالكتب إلى أبي أيوب بترك التعرض للكناني. ولما حان توديع الكناني لهشام، قال له:(يا سيدي، إني قد بلغت فوق الأمنية، وجاوزت أقصى غاية العز والنصرة! وهذا العقد النفيس قد أغنى الله عنه!) فقال له هشام (يا كناني، إنه لا سبيل إلى رد شئ قد خرج عنا. فخذه مباركا لك فيه!) وهشام هذا هو الذي أكمل سقائف المسجد الجامع بقرطبة، ورفع منارته القديمة، وبنى الميضأة العجيبة، وعقد من الجسر ما كان تثلم بالسيل - رحمه الله!
[خلافة الحكم بن هشام بن عبد الرحمن]
كنيته! أبو العاصي. أمه: زخرف. مولده: سنة ١٥٤. بويع بعد موت أبيه بليلة، يوم الخميس لثمان خلون من صفر سنة ١٨٠، وهو ابن ست وعشرين سنة؛ فكانت خلافته ستا وعشرين سنة، وأحد عشر شهرا. كتابه: ثلاثة: فظبس، وخطاب بن زيد، وحجاج العقيلي؛ حاجبه: عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث؛ وزراؤه وقواده: خمسة: إسحاق بن المنذر، والعباس بن عبد الله، وعبد الكريم بن عبد الواحد المذكور، وفطبس بن سليمان، وسعيد بن حسان. قضاته: مصعب بن عمران، ومحمد بن بشير، والفرج بن كنانة، وبشر بن قطن، وعبيد الله بن موسى، ومحمد بن تليد، وحامد بن محمد بن يحيى. نقش خاتمه: (بالله يثق الحكم وبه يعتصم! صفته: آدم، شديد الأدمة، طويل، أشم، نحيف، لم يخضب. بنوه الذكور: تسعة عشر، والبنات: إحدى وعشرون. توفي لأربع بقين لذي الحجة سنة ٢٠٦؛ فكان عمره اثنان وخمسون سنة.