ولما بلغ موت هشام الرضى إلى سليمان وعبد الله ابني عبد الرحمن بن معاوية، وهما بالعدوة، تقدم عبد الله؛ فجاز البحر إلى ريف الأندلس.
ولما بويع الحكم بالخلافة، واستوسق له الأمر، وجه عبد الكريم بن عبد الواحد غازيا إلى دار الحرب، في جيش عظيم؛ فاحتل عبد الكريم بالثغر؛ وتوافت عليه الجيوش. ثم تقدم، فاحتل على شاطئ البحر، وقسم الجيش على ثلاثة أقسام، وقدم على كل قسم رئيسا، وأمر كل واحد منهم بأن يغير على الناحية التي قصدها ووجه إليها؛ فمضوا، وأغاروا، واستباحوا، وانصرفوا غانمين ظافرين. ثم عادوا ثانية إلى الإغارة، وجاوزوا خلجا كانت تمد وتحصر؛ وكان أهل تلك النواحي قد تحرزوا بها، ونقلوا إليها العيال والماشية والأموال؛ فأغاروا عليها، واحتووا على جميع ما وجدوا فيها، وانصرفوا سالمين غانمين.
وفي سنة ١٨١، ثار على الأمير الحكم بهلول بن مرزوق المعروف بأبي الحجاج في ناحية الثغر، ودخل سرقسطة، وملكها. وحل به عبد الله بن الأمير عبد الرحمن بن معاوية؛ وكانت وجهته إلى إفرنجة.
وفيها، ثار عبيدة بن حميد بطليطلة؛ فنصب الحكم عمروس بن يوسف لحربه من طلبيرة؛ فكان يتردد لحربهم؛ ثم إن عمروس كاتب رجالا من أهل طليطلة، واستلطفهم حتى مالوا إليه؛ فدعاهم إلى القيام على عبيدة، والفتك به؛ ووعدهم على ذلك بمثوبة جليلة من الأمير؛ فبدروا إليه، وقتلوه، وتوجهوا برأسه إلى عمروس؛ فأنزلهم عند نفسه بطلبيرة. فلما علم بهم بعض بربر طلبيرة، وكانت بينهم دماء، دخلوا عليهم تلك الليلة الدار؛ فقتلوهم. فبعث عمروس برأس عبيدة وبرؤوس المذكورين، وهم بنو مخشي إلى الحكم بقرطبة، وكتب إليه يخبرهم. ثم إن عمروس أعمل جهده في استجلاب أهل طليطلة بمكاتبتهم، حتى أدخلوه المدينة. فلما تمكن منها، بنى القصر على باب جسرها؛ فأحكمه، وأتقن أمره؛ ثم سعى في قتل رجال طليطلة، وقطع شرهم، وحسم دائهم، توطيدا للمملكة. فأعد للكيد