فأصاب فيها ما لا يعرف قدره. وبين سرقسطة وقرطبة مسيرة نحو شهر. وافتتح هنالك حصونا كثيرة. وكانت أساقفة الروم تجد صفة موسى في كتبهم؛ فإذا رأوه، قالوا:(هو، والله!) فأعطوه المعقل. ولم يهزم له جمع قط.
وقال يوسف بن هشام: انتهى موسى إلى صنم؛ فوجد في صدره مكتوبا:(يا بني إسماعيل! فإلى هنا منتهاكم! وإن سألتم إلى ماذا ترجعون، أخبرناكم: ترجعون إلى اختلاف ذات بينكم، حتى يضرب بعضكم رقاب بعض، وقد فعلتم.) قال الليث: ولقد جاء رجل إلى موسى بن نصير؛ فقال له:(ابعث معي أدلك على كنز!) فبعث معه رجالا؛ فوقف بهم على موضع؛ فقال:(اكشفوا عن هذا!) فكشفوا؛ فإذا حوض مترع من الياقوت والجوهر والزبرجد ما لم تر عين مثله قط؛ فلما رأوا ذلك، بهتوا وأرسلوا إلى موسى ليحضر.
[ذكر ما أفاء الله على فاتحي الأندلس]
من ذلك مائدة سليمان - عليه السلام! - قيل إنها كانت من ذهب وفضة خليطين، مطوَّقة بثلاثة أطواق: طوق لؤلؤ، وطوق ياقوت، وطوق زبرجد، وإنها حملت على بغل عظيم لا بغل أقوى منه؛ فما بلغ بها مرحلة حتى تفتحت قوائمه؛ ومنها ياقوته ذي القرنين وجدها بماردة؛ ومنها البيتان اللتان فتح في طليطلة، وجد في إحداهما أربعة وعشرون تاجا عدد ملوكهم، لا يدري ما قيمة تاج منها، وعلى كل تاج اسم صاحبه ومبلغ سنه؛ وفيه وجدت المائدة؛ وكان السبب في حصولها بطليطلة أن ملك الروم، لما زحف إلى بيت المقدس ليقاتل بني إسرائيل، أخذ بلادهم وسبى ما فيها، ووجد فيها مكارم الأنبياء - عليهم