كان عبد الرحمن بن حبيب هذا قد هرب إلى الأندلس. عند هزيمته من الوقيعة التي قتل فيها أبوه حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع، مع كلثوم بن عياض. فلم يزل. وهو بالأندلس، يحاول أن يتغلب عليها. فلم يمكنه ما أراد، إلى أن وجهة حنظلة أبا الخطاب إليها، فخاف على نفسه، وخرج مستترا، فركب البحر إلى تونس، فنزل بها، وذلك في جمادى الأولى سنة ١٢٧، فدعا الناس إلى نفسه، فأجابوه. وأراد حنظلة الخروج إليه، والزحف لقتاله. ثم كره قتال المسلمين. وكان ذات ورع ودين، فوجه إلى حنظلة جماعه من وجوه أفريقية يدعونه إلى مراجعة الطاعة. فلما قدموا عليه. أوثقهم في الحديد، وأقبل بهم إلى القيروان، وقال (أن رمى أحد من أوليائهم بحجر، قتلتهم) وكانوا وجوههم ورؤساءهم. فلما رأى حنظلة ذلك دعا القاضي والعدول، وفتح بيت المال؛ فأخذ منه ألف دينار، وترك الباقي، وقال:(لا أتلبس منه ألا بقدر ما يكفيني ويبلغني) ثم شخص عن أفريقية في سنة ١٣٩ في جمادى الأول. وأقبل عبد الرحمن حتى دخل القيروان، ونادى مناديا:(لا يخرجن أحد مع حنظلة، ولا يشيعه) فرجع عنه الناس خوفا من عبد الرحمن. ولما قفل حنظلة إلى الشرق، دعا على عبد الرحمن وعلى أهل أفريقية، وكان مستجاب الدعوة. فوقع الوباء والطاعون بأفريقية سبع سنين، لا يكاد يرتفع إلا مرة في الشتاء ومرة في الصيف.
وقال بعض المؤرخين أن مروان بن محمد الجعدي بعث إلى عبد الرحمن ابن حبيب بولايته على أفريقية بعد تغلبه عليها.
ولما ولي عبد الرحمن، ثار عليها جماعة من العرب والبربر. ثم ثار عليها