وقيل إن أهل الأندلس شاروا على عقبة بن الحجاج وخدموه. قال ابن القطان: وقيل إن عقبة بن الحجاج، لما حانت وفاته، استخلف عبد الملك بن قطن. قال: وأقام عقبة على الأندلس واليا إلى سنة ١٢١.
[ولاية عبد الملك بن قطن الفهري ثانية]
وفي سنة ١٢٢، ولي عبد الملك بن قطن ثانية، حتى كان من أمر البربر وبلج بن بشر، ابن أخي كلثوم بن عياض عامل إفريقية، ما أذكره. قال ابن القطان: وذلك أن هشام بن عبد الملك كان قد ندب كلثوما لقتال البربر، وولاه إفريقية، وبعث معه ثلاثين ألف فارس: عشرة آلاف من صلب بني أمية؛ وعشرين ألفا من العرب؛ وعهد إليه في سد إفريقية وضبطها، إذ كانوا يجدون في الروايات أن ملكهم يزول، وأن ملك بني العباس لا يجاوز الزاب. فتوحمته بنو أمية زاب مصر، وإنما كان زاب إفريقية. فأمره بالجد في أمر إفريقية، ليلجؤوا إليها إذا ذهب ملكهم؛ وعهد، إن حدث بكلثوم حدث، أن يكون ابن أخيه يلج مكانه؛ فدارت بينه وبين البربر حروب عظيمة، هزموا في بعضها كلثوما وقتلوه. وصار أمر العرب بإفريقية إلى بلج بالعهد المذكور.
ولجأ فلهم إلى سبتة، حتى ضاق عليهم الأمر ضيقا عظيما؛ فكاتب بلج وأصحابه عبد الملك بن قطن صاحب الأندلس، وسأله إدخاله وإدخال من معه من الجند. وذكروا له ما صروا إليه من الجهد، وأنهم قد أكلوا دوابهم. فأبى عبد الملك من إدخالهم، ولم يأمنهم، ومطلهم بالميرة والسعن. واتفق أن تطاولت البربر أيضا بالأندلس، وفاضحوا العرب، وظهروا على الساكنين منهم بجليقية وغيرها؛ فقتلوهم، وطردوهم. فلما ورد فل العرب على عبد الملك بن قطن، ورأى عادية البربر، اضطر لأجل ذلك إلى إدخال بلج وأصحابه؛ فكاتبهم، وشرط عليهم مقام سنة بالأندلس، ثم يخرجون عنها؛ فرضوا بذلك. فأخذ منهم رهائن أنزلهم بجزيرة أم حكيم، وهي على الخضراء. ثم أدخل بلجا وأصحابه عراة،