لما بلغ المنصور ما كان من أمر قواد الجند المصرية وصرفهم محمد بن الأشعث بعث إلى الأغلب بن سالم بن عقال التميمي عهده بولايته، في آخر جمادى الآخر من السنة المؤرخة فاستقامت له الحال. وكان من أهل الرأي وذوي المشورة، ووصله كتاب المنصور بعد كتاب العهد يأمره بالعدل في الرعية وحسن السيرة في الجند، وتحصين مدينة القيروان وخندقها وترتيب حرسها ومن يترك فبها إذا رحل إلى عدوه، وغير ذل كمن أموره.
وسنة ١٤٩، لم يكن فيها حركة.
وفي سنة ١٥٠، ثار الحسن بن حرب الكندي بالقيروان عل الأغلب ين سالم، وسبب ذلك أن أبا قرة الصغرى خرج في جمع كبير من البربر، فسار إليه الأغلب في عامة القواد الذين معه، وخلف على القيروان سالم بن سوادة فلما علم أبوه أن الأغلب قرب منه هرب وتفرق أصحابه. وقدم الأغلب الزاب وعزم على الرحيل منه إلى تلمسان، قاعدة زناتة ثم إلى طنجة. فكر الجند
المسير معه، وقالوا:(قد هرب أبو قرة الذي خرجنا إليه!) وجعلوا يتسللون عنه إلى القيروان. فلم يبقى معه إلا نفر يسير من وجوههم وكأن الحسن بن حرب بيونس فلما خرج الأغلب يريد أبا قرة، كاتب جميع القواد. فلحق به بعضهم وأقبل معهم إلى القيروان فدخلها، وأخذ سالم بن سوادة عاملها، فحبسه. وبلغ الخبر الأغلب فأقبل في عدة يسيرة وكتب إليه، يعرفه بفضل الطاعة، ووبال المعصية. فأعاد الجواب إلى الأغلب، وفي آخره (وافر)
ألا قولوا لأغلب غير سوء ... مغلغلة عن الحسن بن حرب
بأن البغي مرتعه وخيم ... عليك وقربه لك شر قرب
فإن لم تنثني لتنال سلمي ... وعفوى فأذن من ُطعن وضربي
وأقبل الأغلب يحث السير بعد ما مضى إلى قابس، وقدم رسول المنصور