إنه على رأس ملككم وإمامكم!) فأعلم بذلك زياد حبيب بن أبي عبدة ثم تحدثا بذلك حتى علمه خيار الجند؛ فلم يكن له هم إلا كشف ذلك، حتى رأوه عيانا. فقالوا (قد تنصر!) ثم هجموا عليه، فقتلوه. وأكثر الناس على أنَّ هذه الحكاية لا تصح، وإنما قتلوه بأمر سليمان لهم بذلك إذ نكب والده.
وقال الواقدي: إن التي نكح بعد خروج أبيه هي ابنة رذريق؛ فجاءته من الدنيا بما لا يوصف. فلما دخلت عليه، قالت له:(ما لي لا أرى أهل مملكتك يعظمونك، ولا يسجدون لك، كما كان أهل مملكة أبي يفعلون له؟) فأمر بباب، فنقب في ناحية قصره، وجعله قصيرا؛ فكان يأذن للناس منه؛ فيدخل الداخل منكسا رأسه قبالته لقصر الباب؛ وقد جعل لها مجلسا، تنظر منه إلى الناس إذا دخلوا عليه من حيث لا يرونها. فلما رأتهم على ذلك، ظنت أنهم يسجدون له. فقالت لعبد العزيز:(الآن قوي ملكك) وبلغ الناس ما أراد بذلك الباب؛ فثار به حبيب بن أبي عبدة الفهري، وزياد بن عذرة البلوي، وزياد بن نابغة التميمي، ومن معهم من الناس، فقتلوه. وقيل أيضا: إنما قتلوه لأنه خلع طاعة سليمان بن عبد الملك، إذ بلغه قتل أخيه وما صنع بأبيه.
قال الرازي: لما قفل موسى بن نصير، استخلف ابنه عبد العزيز على الأندلس؛ فضبط سلطانها، وسد ثغورها، وافتتح مدائن كثيرة. وكان من خير الولاة، إلا أن مدته لم تطل، لوثوب الجند عليه وقتلهم له، لأشياء نقموها عليه. وكان قتله صدر رجب من سنة ٩٧، بمدينة إشبيلية، بمسجد رفينة. ولما دخل المحراب، قرأ فاتحة الكتاب؛ ثم قرأ سورة الواقعة؛ فعلاه من خلفه زياد ابن عذرة البلويُّ بالسيف، وهو يقول:(قد حقت عليك يا ابن الفاعلة؟) فكانت ولايته سنة واحدة وعشرة أشهر.
وذكر أيضا أن سليمان بعث إلى الجند يأمرهم بقتله، عند سخطه على أبيه، وأنهم، لما قتلوه، حزوا رأسه. وقدم به على سليمان حبيب بن أبي عبدة الفهري.