رأى أحد من فتيانه، فيه حركة ونشاط وجدة، يتقلد سيفا، قال:(هذا هو صاحبي!) فلما قتل منهم جماعة، وقع بقلبه إنه قد استفسد إليهم فضمه الحذر منهم إلى قتل جميعهم، فقتلهم في هذا العام، واستخدم عوضا عنهم السودان. ثم عرض لهم منه ما عرض للفتيان الصقالبة: فقتل السودان أجمعين.
وفي سنة ٢٨٠ كان الإيقاع برجال بلزمه، وقصتهم ان إبراهيم بن احمد ابن الأغلب كان قد حاربهم وأستقدم منهم إلى مدينة رقادة نحو من سبعمائة رجل من ابطالهم، فأنزلهم ووسع عليهم، وبنى لهم دارا كبيرة تشمل على دور ترجع إلى باب واحد، وأسكنهم فيها. فلما سكنوا واطمأنوا، جمع ثقات رجاله لأخذ أرزاقهم؛ ثم أمرهم بمصابحة ابنه عبد الله لما أمره به. فلما اجتمعوا إليه ركب إلى دار البلزميين في الجند، فقتلهم عن أخرهم، بعد أن دافعوا عن أنفسهم إلى وقت العصر. وكان ذلك من أسباب انقطاع دولة بني الأغلب، إذ كان أهل بلرمة في نحو ألف رجل من أبناء العرب والجند الداخلين إلى أفريقية عند افتتاحها وبعده، وكان أكثرهم من قيس، وكانوا يذلون كتامة. فلما قتلهم إبراهيم، استطالت كثامة، ووجدت السبيل للقيام مع الشيعي على بن الأغلب.
وفيها، كان تمنع البلاد ومخالفتها على السلطان إبراهيم بن أحمد، وانتزاء من انتزى عليه. وذلك أن أهل تونس والجزيرة والأربس وباجة وقمودة خالفوا عليه وقدموا على أنفسهم رجالا من الجند وغيرهم، لأن السلطان إبراهيم بن الأغلب أخذ عبيدهم وخيلهم، وجار عليهم، فصارت أفريقية على نار موقدة، ولم يبق يده من أعمال إلا الساحل والشرق إلى طرابلس. فحفر حفيرا حوالي رقادة، ونصب عليها أبواب حديد، وجمع إلى نفسه ثقاته، وقرب السودان من قصره، وقد كان جمع منهم خمسة آلاف أسود ز وفيها، وكانت وقائع انجلت عن فتح تونس عندة، قمودة تحركوا لقتال إبراهيم بن الأغلب؛ فأخرج إليهم ميمونا الحبشي. فقاتلهم حتى