للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهما، فأجابهما إلى ذلك، فأنزلوه وأكرموه. فقال الداعي للرجل: (ما اسم ولدك هذا؟) قال: ما اسمك أنت؟ قال: مُعارِك. فقال في نفسه: تم أمرنا أن شاء الله، لكن بعد مَعارك. ثم أراد الداعي الانصراف، فصرفوه مع امرأة نتدله على الطريق، لأن الحرب كانت بينهم وبين بني عمهم. فسار حتى نزل في منزل من منازل كتامة. فأتى المسجد، وفيه معلم يعلم الصبيان. فقام إليه المعلم وسلم عليه، وهو راكب على بغلته الشهباء فجعل المعلم يطيل النظر إليه، فاستراب لذلك أبو عبد الله، ونزل عن الدابة ودخل المسجد. ثم دعا المعلم فقال له: لقد رأيتك تنظر إلي كثيرا وإلى البغلة. فقال له: ذلك لسبب أنا أقوله لك. وذلك إنه كان فيهما تقدم رجل من كتامة كاهن، يقال له فيلق، وكان إذ رأى تفاتنهم يقول لهم: إنما ترون الحرب إذا جاءكم الرجل الشرقي صاحب البغلة الشهباء. فلما رأيتك، تذكرت قوله. فلما وقر ذلك في سمعه استبشر. وكان ذلك والذي قبله من الفال تقوية له على أمره، وزيادة إقدام، لولا هو لم يقدر أن يتجاسر على شيء منه. فسبحان مسبب الأسباب.

فسار عبد الله الداعي حتى وافى منزل الشيخ صاحبه الكتامي، فقصد إلى المسجد ونزل به، وفيه معلم يعلم الصبيان وعنده أبناء الشيخ صاحبه فلما حان وقت الظهر أذن المعلم فسمع الشيخ الأذان فخرج إلى المسجد، فرأى عبد الله فسلم عليه، وعانقه فلما أراد المعلم الدخول للمحراب، أخره عنه الشيخ وقدّم عبد اله لداعي، فلما انقضت الصلاة قم معه إلى منزله وبالغ في إكرامه، وتحدث معه إلى أن حانت صلاة العصر، فخرج معه لصلاة. فاستراب معلم الصبيان بذلك فترك ذلك المسجد والتعليم فيه وانصرف. وصار عبد الله في ذلك المسجد يصلي ويعلم الصبيان. واجتهد

<<  <  ج: ص:  >  >>