بالمنتصر، وكان جبارا عنيدا، فظفر بمنم عانده من قبائل البربر وقهرهم وأذلهم، وأظهر الصفرية، وأخذ خمس معادن درعةة. وعظم قدره في ذلك الوقت. وموضع سلجمانة قد عمر بالديار دون سور. ثم زاد ملك اليسع المذكور، وأمر ببناء السور ن، أسفله بالحجارة، وأعلاه بالطوب. فقيل أ، بناءه من ماله، لم يشاركه فيه أحد. فسكن سلجمانة، وتوفي في سنة ٢٠٨، فكانت مدته بها نحو أربعة وثلاثين سنة. ثم ولى ابنه مدرار بن اليسع، وهو المنتصر بن سمغون المتقدم ذكره، فلم يزل واليا عليها إلى أن اختلف الأمر بين ولديه ميمون المعروف بابن أروا (وهي أمه بنت عبد الرحمن بن رستم صاحب تبهرت) وابنه المعروف بابن بقية. فتنازعا في الأمر بينهما، وتقاتلا ثلاثة أعوام. فمال مدرار والدهما مع ابنه ميمون بن الرستمية، وأخرج أخاه ابن بقية من سلجمانة. فولى ميمون بن مدرار، وخلع أبوه لنفسه، ثم قام عليه أهل سلجمانة، فجعلوه وأرادوا خلع أبيه وتقديم أخيه ابن بقية، فأبى أن يتأمر على أبيه، فأعادوا أباه مدرار بعد خلعه، ثم سمع أهل سلجمانة إنه استدعى ابنه ابن الرستمية فيمن أطاعه من درعة، فتوجهوا إلى مدرار وحصروه، ثم خلعوه أيضا وقدموا ابن بقية فولى أمرهم. فلم يزل واليا عليها إلى أن مات سنة ٢٦٣. وفي دولته مات أيوه مدرار. ثم ولي أليسع بن ميمون بن مدرار بن اليسع بن سمغون بن مدلان المكناسي في صفر سنة ٢٧٠ وتلقب بالمنتصر على أسم جده وهو الذي سجن عبيد الله بسلجمانة حين عرف عنه إنه قام بدعوته الشيعي. ثم زحف إليه الشيعي من أفريقية، وفر أمامه، وخرج عبيد اله من سلجمانة من سجنه، واستولى على المملكة. ثم ظفر به في سنة ٢٩٦، فقتله، فكانت مدة اليسع ابن مدرار المذكور بسلجمانة سبعا وعشرين سنة. وانقرضت دولة بني مدرار بسلجمانة وما والاها، فكانت مائة سنة ونحو ستين سنة. فولي عليها الشيعي عامله فوثب عليه أهلها فقتلوه، فكانت مدته بها خمسين يوما.