فقرأت بأفريقية. وفيها مات جبلة بن حمود بن جبلة الصدفي مولى الإمام عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وكان فقيها زاهدا، من رجال سحنون وممن نبذ الدنيا وتركها، وكان أبوه من خدمة السلطان وأهل الأموال، فنابذه في حياته، ثم تبرأ من تركته بعد وفاته، وكانت تركته نحو ثمانين مثقال. وفيها مات دعامة ابن محمد الفقيه، وكان من رسحنون، وونلي القضاء بصقلية في أيام بني الأغلب التميمي، وعبد الله بن أبي المنهال. وفيها صلى أبو القاسم يوم الأضحى بالناس، وخطب وقرى بذلك كتاب عبيد الله بالقيروان. وفيها مات محمد بن خالد القيسي المعروف بابن الطرزي وكان من رجال سحنون، ومات أبو السميدع المؤدب النحوي. وفيها قتل في مدينة رقادة أحمد بن يحيى بن طيب المتطبب الفقيه بقول أهل العراق.
وفي هذه السنة وصل أبو عبد الله الشيعي إلى مدينة (تنس) ونزل بالموضع المعروف (بالجّوزا) وذلك يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة. فجمع إلى نفسه وجوه كتامة وتكلم معهم في أمر عبيد الله وعمل معهم على خلعه وقال لهم: إن أفعاله قبيحة، ليست تشبه أفعال المهدي الذي كتب أدعو إليه. وأخشى أن أكون قد غلطت فيه وعرض لي ما عرض لإبراهيم الخليل - عم - إذ جن عليه الليل، فرأى كوكبا، فقال (هذا ربي) ويجب علي وعليكم امتحانه وكشفه عن العلامات الموجودة في الإمام المعروفة عند النقباء. وزعم لهم بأن الرواية أتت أن بين كتفي المهدي مكتوبا: المهدي رسول الله، كما بين كتفي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبوة. وأن المهدي يأتي بالآيات البينات، ويطبع بخاتمه بالجندل. فعقد مع جماعة