ويحسبون أنهم مهتدون "! وكتب إلى الشيعة بالمشرق في أمرهما: أما بعد فقد علمتم محل أبي عبد الله وأبي العباس من السلام. فاستنزلهما الشيطان فطهرتهما بالسيف والسلام! وحدّث الثقة أن أبا عبد الله نلام في حضرة أحابه وعنده جماعة من دعاة كتامة فتحرك في نومه فانكشفت سوئته، فنظر بعضهم إلى بعض، ولم يقدموا أن يستروه. فمد عروبة بن يوسف يده إلى الملحفة التي كانت عليه فستره بها وانتبه أبو عبد الله فقال: من سترني إذا انكشفت؟ فقال له عروبة: هو والله قاتلي! فجعل عروبة يبكي بين يديه ويقول له: يا سيدي مر بقتلي! فقال له: لا سبيل إلى ذلك! لكنك والله قاتلي! فكان الأمر كما كان ذكره.
واحتجب عبيد الله عن كتامة أياما كثيرة، ثم أمنهم وأدخلهم على نفسه مفترقين على حذر منهم ثم عمل على جماعة منهم، فقتلهم بأصناف من القتل. وفيها خرج سي بن دوقان ورجاء بن أبي قنة، إلى لواتة في عسكر ضخم. فقتلوهم، وغنموا أموالهم وسبوا ذرياتهم (وقرى بذلك كتاب عبيد الله بالقيروان وأعمالها، وفي سنة ٢٩٩، أخرج عبيد الله إلى المغرب جماعة من قواده لمحاربة زناتة في عساكر عظيمة، فكانت بينهم وبين زناتة وقعة عظيمة بموضع يعرف بفلك مديك، قتل فيها من زناتة عدد لا يحصى. وفيها فتحت مدينة تبهرت، وكان أهلها قد ثاروا على دواس عاملها وأرادوا قتله فهرب منها إلى تبهرت القديمة وتحصن بها. وقتل فيها أكثر أصحابه، وكانوا في نحو ألف فارس. واستدعوا محمد بن خزر فقدم عليهم وأدخلوه البلد، وولوه، وبرزوا