وأسلموا سائر أثقالهم. فاحتوى أبو القاسم وحباسة على جميع ذلك ووصل أبو القاسم إلى الفيوم، فعسكر بها حتى قدم قائد الخليفة مؤنس الفتى من العراق لمحاربته. ثم أن حباسة بن يوسف هرب من مصر إلى أرض المغرب، وكان سبب هربه أن أبا القاسم مبعث إليه من الفيوم أبا فريدن القائد، وأمره أن يستخلفه على الجيوش ويلحق حبالسة به في الفيوم، فأغضبه ذلك، وقال: لما أشرفت على أخذ البلد، يفوز أبو فريدن بخيره وذكره. فركب حباسة في نحو ثلاثين فارسا من بني عمه، وخرج هاربا إلى جهة المغرب. فكتب أبو القاسم إلى عمال الطريق بخبره وأمرهم بارتصاده وأخذه أن مر بهم. وكتب إلى أبيه عبيد الله بذلك. ونزل مؤنس الفتى مصر يوم الاثنين للنصف من شهر رمضان فرحل أبو القاسم من الفيوم منصرفا إلى أفريقيا بما خف من الأموال والكسي والسلاح. فضربت جيوش مصر في ساقته، فأخذت مضاربه وسلاحا كثيرة وأثاثا. ووصل حباسة إلى حوز برقة، ثم إلى نفزاوة، فعثر عليه وعلى أصحابه فهرب أصحابه. وأخذ حباسة، وقيد، وحمل إلى عبيد الله فحبسه وحبس جميع أهله. وفيها حاول عروبة الهرب من تبهرت، إذ بلغه خبر حباسة وهربه، وقيل أن حباسة كاتبه وإنه كاتبه يرجو اللحاق به والاعتصام بكونه معه. فلما أخذ حباسة، نفر عروبة وخاف فهرب بماله. فظفر به بجبل أوراس، فقتل، وبعث برأسه إلى عبيد الله، فنظر إليها وإلى رأسي حباسة وعروبة، فقال:(ما أعجب أمور الدنيا! هذه الرؤوس ضاق بها المشرق والمغرب، وحملتها هذه القفة!) وأمر بطرحها بجامع الإسكندرية سرا.
وفي هذه السنة، مات سعيد بن محمد بن صبيح الغساني الفقيه، وكان قد صحب سحنون بن سعيد وحمل عنه علمه. وفيها، خالفت مدينة برقة وكان أبو