الشهيد ومعاوية وعثمان وعبد الله وإدريس. وكان عبد الرحمن فقيها بمذهب مالك، وحج أربعا، وعبر البحر إلى الأندلس برسم الجهاد، فقتل الثائر ابن حفصون كل من كان معه، وتخلص هو بنفسه إلى مرسية، وحضر غزوة أبي العباس القائد، واستشهد فيها. وقام علي صالح أخوه إدريس في بني ورياغل وجزناية، فالتقوا بجبل وزناية، وانهب إدريس عسكره، واستمر إلى مدينة نكور ليدخلها، فامتنع أهلها إلى أن أتاهم صالح صاحبها في خاصته، فدخلها في جوف الليل، ولن يعلم أخوه إدريس بذلك، وكان قد نول عليها وطمع فيها. فلما كلن في غد اقبل إدريس على فرسه وهو لا يعلم بأمر أخيه فأدخله المدينة، وأرجله فتيان صالح عن دابته، وأتوا به إلى أخيه، فأمر بحبسه. ثم سار عليه قاسم الوشتاقي بقتله، فأمر فتى من فتيانه يقال له عسلون فقتله، وامتنعت مكناسة على صالح، وحبسوا مغارمهم. فكتب إليهم يتوعدهم، وختم الكتاب، وأدخله في مخلاة، وشدها على حماره! وبعثه مع ثقته، وقال له (إذا توسطت مكناسة، فاترك الحمار بما عليه وانصرف) ففعل فوجد مكناسة حمار صالح، وقرؤوا كتابه فتمادوا على امتناعهم عليه. ثم انصرف رأيهم إلى جمع ما كان عليهم فجمعوه، وجللوا الحمار بملفحة، وأتوا صالحا بالحمار وبمغارمهم واستعفوه فعافاهم. وبقى صالح بن سعيد أميرا إلى أن نوفى بعد أن ملك أزيد من عشرين سنة.
وولى بعد ابنه سعيد بن صالح. فلما توطد الأمر له، دخل عليه عبيدهم الصقالبة، فسألوه العتق فقال لهم: أنتم جندنا وعبيدنا لا تدخلون في ورثنا. فما طلبكم للعتق؟ فألحوا عليه في ذلك وناله جفاء منهم، وخلعوه وقدموا أخاه عبيد الله وعمه الرضي المكنى بأبي علي وزحفوا بهما إلى القصر فحاربهم سعيد من أعلى القصر بمن كان معه وبالنساء. وقامت عليهم العامة،