وباجة تونس، وجاهروا بتحليل المحرم وأكلوا الخنزير وشربوا الخمر في رمضان جهارا. وعلم بذلك الخاص والعام حتى عير به أبو القاسم أيام كونه بالفيوم وكثر القول من الناس في هذا فكتب عبيد الله إلى عماله بهذه المواضع بأن يرفعوهم إليه مقيدين، ثم حبسوا، فمات أكثرهم بالسجن وكلهم مشهور بأفريقية: منهم أحمد البلوي النخاس بالرقيق كان يصلي إلى رقادة أيام كون عبيد الله بها وهي منه في المغرب فلما انتقل عبيد الله إلى المهدية وهي منه في المشرق، صلى إليها وكان يقول: لست ممن يعبد من لا يرى! وكان يتصدى لعبيد الله ويقول له: أرق إلى السماء كم تقيم في الأرض وتمشي في الأسواق! وكان يقول لأهل القيروان في عبيد الله: أنه يعلم سركم ونجواكم! فاقرب إليه يرجلا يوما وهو يقول ذاك فأخذ أذنه ونطق فيها: عبيد الله الذي نقول زان! ابن الزانية! فإن كان يعلم ما قلت لك، فلينتصر! فصاح صيحة عظيمة وقال: يا مسكين! إنه حليم لا يعجل! ومنهم إبراهيم بن غازي، وكان يأكل في شهر رمضان جهارا ويركب الكبائر وكان في أيام بني الأغلب من المتزهدين المرابطين بقصر الطوب المجاور لسوسة وقد كان أهل سوسة أرادوا تقديمه لصلات الجماعة. وفيها تصدى جماعة من أهل القيروان بالنساء والذرية لأبي القاسم، وشكوا إليه سرا جور أبي سعيد وأصحاب المحارس، ووصفوا إفسادهم وغارتهم على أموالهم فاستأذن لهم على أبيه، فدخلوا كافة، وشكوا غليه بما شكوا به إلى أبي القاسم وأبو سعيد جالس عنده فحلف لهم عبيد الله أنه ما علم بظلمهم، وأمرهم بالانصراف ووعدهن بالإنصاف وأمر أبا سعيد برفع كتابه وقوم من أصحاب المحارس إليه فحسبهم عبيد الله وأطلق كاتبه.
وفيها، أمر عبيد الله بأن يكون طريق الحاج على المهدية، لأداء ما وظف عليهم من المغارم في الشطور، وألا يتعدى هذا الطريق أحد وكان