واحتوى المسلمون على جميع ما فيها كما تقدم ذكره وكان بين معاوية ابن حديج وعبد الملك بن مروان تنازع في ذلك لان عبد الملك أراد محاباة إخوانه وأصحابه لأنه كان سبب فتح المدينة فقال حنش الصنعاني يوما لعبد الملك:(ما شأنك؟ فوالله لتلين الخلافة ويصير ذلك الأمر إليك فلا تغتم) فلما أفضت الخلافة إلى عبد الملك بعث الحجاج بن يوسف لقتال عبد الله بن الزبير فأخذ حنش الصنعاني أسيراً وبعث إلى عبد الملك ابن مروان فلما وقف بين يديه: (ألست أنت الذي بشرتني بالخلافة يوم جلولاء؟) قال: (نعم) قال: (فلما ملت عني إلى ابن الزبير؟) فقال: (رأيته يريد الله ورأيتك تريد الدنيا فلذلك ملت إليك) فقال: (قد عفوت عنك) .
وفي سنة ٤٦ قال البلاذري: أول من غزا صقلية معاوية بن حديج بعث إليها عبد الله بن قيس ففتحها وأصاب فيها أصناما من الذهب والفضة مكللة بجوهر فحملت إلى معاوية ابن أبي سفيان فبعث بها إلى الهند فأخذ ثمنها فأنكر الناس عليه ذلك إنكاراً كلياً وكان العامل على بلاد أفريقية من قبل معاوية ابن أبي سفيان معاوية بن حديج الكندي.
وفي سنة ٤٧ عزل معاوية ابن أبي سفيان عبد الله بن عمرو بن العاص عن مصر وولاها معاوية بن حديج الكندي وكان عثمانياً فسار متوجهاً إليها من أفريقيا وكان قد قتل محمد ابن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فلقية عبد الرحمن ابن أبي بكر فقال له (يا معاوية قد أخذت أجره من معاوية ابن أبي سفيان حين قتلت محمد ابن أبي بكر الصديق ليوليك مصر فقد ولاكها) فقال (ما قتلت محمد ابن أبي بكر لولاية وإنما قتلته لما فعل بعثمان - رضي الله عنه - وفي سنة ٤٨ كان العامل على مصر وأفريقية لمعاوية ابن أبي سفيان معاوية ابن حديج.