وفي سنة ٣١٤، عزل عبيد اله الشيعي عن عمالة القيروان نسينا فتاه وضمه إلى المهدية، وحبس عند جوذر الفتى، وقبض على أمواله، وكان نسيم سريع الغضب والضرب بالسوط. وولي عبيد الله عمالة القيروان صابر الفتى مولى بن قرهب. وفيها، زحف ابن خزر إلى تبهرت وحاربها فانهزم عنها وأخرج عبيد الله في أثره موسى بن محمد الكتامي في جماعة من القواد فلما صاروا بطبنة، دخل محمد بن خزر الصحراء، وأبقى أخاه عبد الله مع وجوه رجاله بوادي مطماطة، فدا ت بينه وبين رجال الشيعي حرب عظيمة كان الظفر فيها والغلية لابن خزر. ثم أخرج عبيد الله إلي إسحاق بن خليفة وأصحابه وخالفت على الشيعي لماية، وما جاورها من القبائل واستمدوا بابن خزر فكتبوا إلى عبيد الله مستمدين، فأمدهم بجيش كبير فهزموه. وأرسلت هذه القبائل إلى محمد بن جزر، فولى عليهم أخاه عبد الله. ودارت بينه وبين جيوش الشيعي وقائع كثيرة. وفيها، مات مونس البغدادي المغني مولى موسى بن بغل بالمهدية فجأة.
وفي سنة ٣١٥، خرج أبو القسم بن عبيد الله الشيعي من المهدية يريد المغرب، يوم الخميس لتسع ليال خلون من صفر. وكانت طريقه على القيروان، ثم نزل الأريس. فأقام بها أياما حتى اجتمعت إليه العساكر. فسار إلى باغاية، ثم إلى كتامة، ونقدم إلى جبل فيه بنو برزال، وقوم من مكلاتة. فامتنعوا عليه، فحاربهم حتى فتح له عليهم ونوجه إلى مدغرة، ثم إلى سوق إبراهيم. فأقام في تلك الجهة أكثر من شهر لكلب الشتاء وكثرة الوحل. فحكى بعض رجال عبيد الله أنه كان بين يديه، هو وطائفة من خدمه وصحبه، وقد توقفت كتب أبو القاسم عن الورود حتى ساءت الظنون من جهته، فورد كتابه على أبيه بمحضرهم. فلما فتحه وقرأه، بكى، قال: فخفنا أن يكون حدث وأمر وهممنا بالبكاء معه حتى افتتح الكلام، فقال: اللهم أنك تعلم أنني ما أردت إخراجه إلى المغرب إلا رضاك، ونصرة دينك، وإذلال أعدائك! وما