ببرقاجنة على حصنها المعروف بأغزر يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من المحرم، فقاتلهم، ونقب السور عليهم حتى سقط، وهلك ممن كان تحته وفوقه عدد كثير. فلما نظروا إلى الغلبة، أحرقوا الأمتعة، وعرقبوا الدواب والمواشي، وقاتلوا الشيعة حتى قتلوا، وأسر منهم من استأسر وانتهب ما في الحصن. وأجابت هوارة ولماية إلى طاعة الشيعة، فأمنهم أبو القاسم، ثم سار إلى جهة تبهرت فأقام بها نحو شهر، وتقدم منها إلى تامغلت، فأقام بها شهرين، مناظرا لين خزر، وهو حينئذ بموصع يقال له أورن ثم نكب أبو القاسم إلى مدينة طبنة، وانصرف إلى المهدية دون أن يلقي ابن حزر. وقيل أن سبب انصرافه، إنما كان لكتاب ورده من قبل ابنه قاسم، يعلمه أن الناس تحدثوا بمبايعة عبيد الله لابنه أحمد المكنى بأبي عليّ وأنه صلى بالناس عيد الفطر وعيد الأضحى. فأقلقه ذلك، وقدم المهدية.
وفيها غزا صابر من صقلية إلى بلد الروم فافتتح موضعا يعرف بالغيران وقلعة الحسب، واحتوى على ما فيهما، وزحف إلى سلير، فصالحه أهلها بمال وديباج. ثم توجه إلى نابل، فصالحوه أيضا بمال وثياب ثم صدر إلى صقلية. وفيها، مات محمد بن أحمد بن أبي زاهر من الفقهاء بالقيروان، وعبد الله المعروف بالعيني وكان من المعبدين. وفيها، ابتدأ غلاء السعر بالقيروان. زفيها كان ابتداء أمر أبي مخلد بن كيداد الزناتي، وهو رجلا أخذ نفسه بمذاهب النكار يحلل دماء المسلمين وفروجهم ويسب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكان أول أمره بتقيوس، يعلم الصبيان، ويعتقد الخروج على السلطان ويحتسب على الناس في كثير من أفعالهم، وعلى جباة الأموال. فغير في هذا العام على عامل تقيوس، وأمر بقتله، فقتله أهل نقيوس ففزع أبو يزيد عند ذلك، وخرج إلى الحج. فلما وصل إلى طرابلس، وصل كتاب عبيد الله في طلب قوم من البربر فهرب هو وصاحبه أبو عمار الأعمى، وكان على