الغزو والجهاد حتى يفتتح الله لنا منها الأول فالأول وتكون إبلنا على باب قصرنا في مراعيها آمنة من عادية البربر والنصارى) قال الاشبيلي في مسالكه (إن البربر حين دخلوا المغرب وجدوا الإفرنج قد سبقوهم إليه فأخلوهم حتى اصطلحوا على أن يسكن البربر الجبال وتسكن الإفرنج الاوطئة فبنوا المدائن بها. (رجع الخبر) وفي سنة ٥١ شرع عقبة - رضي الله عنه - في ابتداء بناء مدينة القيروان وأجابه العري إلى ذلك ثم قالوا (إنك أمرتنا ببناء في شعاري وغياض لا ترام ونحن نخاف من السباع والحيات وغير ذلك) وكان في عسكره ثمانية عشر رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائرهم من التابعين. فدعا الله سبحانه وأصحابه يؤمنون على دعائه ومضى إلى السبخة وواديها ونادى (أيتها الحيات والسباع نحن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارحلوا عنا فأنا نازلون ومن وجدناه بعد هذا قتلناه) فنظر الناس بعد ذلك إلى أمر معجب من أن السباع تخرج من الشعرى وهي تحمل أشبالها سمعاً وطاعة والذئب يحمل جروه والحية تحمل أولادها. ونادى في الناس (كفوا عنهم حتى يرحلوا عنها) فلما خرج ما فيها من الوحش والسباع والهوام والناس ينظرون إليها حتى أوجعهم حر الشمس فلما لم يروا منها شيئاً دخلوا فأمرهم أن يقطعوا الشجر فأقام أهل أفريقية بعد ذلك أربعين عاما لا يرون فيها حياً أو عقرباً ولا سبعاً فاختط عقبة أولا دار الإمارة ثم أتى إلى موضع المسجد الأعظم فاختطه ولم يحدث فيها بناء فكان يصلي فيه وهو كذلك فاختلف عليه الناس في القبلة وقالوا (إن جميع أهل المغرب يضعون قبلتهم على قبلة هذا المسجد فأجهد نفسك في تقويمها) فأقاموا أياما ينظرون إلى مطالع الشتاء والصيف من النجوم ومشارق الشمس فلما رأى أمرهم قد اختلف بات مغموماً فدعا الله - عز وجل - أن يفرج عنهم فأتاه آت في منامه فقال له (إذا أصبحت