أكثر من ذلك، وبايعه جميع القبائل. وكانت عدوة القرويين غياضا، في أطرافها بيوت من زواغة، فأرسلوا إليه، ودبر في البناء عندهم، فكان ابتداء بناء مدينة فاس سنة ١٩٣ وذلك عدوة القرويين، غزا إدريس بن إدريس نفرة، ووصل إلى تلمسان، ثم رجع، ووصل إلى وادي نفيس، فاستفتح بلاد المصامدة وتوفي مسموما سنة ٢١٣. وأختلف في كيفية موته لا. قال ابن حمادة والبكري وغيرهما: ترك من الولد أثنى عشر، وهم: محمد، وأحمد، وعبد الله، وعيسى، وإدريس، وجعفر، ويحيى، وحمزة، وعبد الله والقاسم، وداود وعنر.
فولي منهم محمد بن إدريس، ففرق البلاد على أخوته بأمر جدته كنزة، فأعطى قاسم طنجة وما يليها، وأعطى عمر صنهاجة الهبط وغمارة، وأعطى داود هوارة تامليت، وولي عيسى ويحيى وعبد الله بلاد أخرى. وبقي الصغار من أخوته فثار عليه عيسى، ونكث طاعته، فكتب الأمير محمد بن إدريس إلى أخيه القاسم، يأمره بمحاربته، فأمتنع، وكتب أيضا إلى أخيه عمر، فأجابه وسارع إلى نصريه، وكان تقدم بين عمر وعيسى تنازع. وتوفي عنر ببلد صنهاجة، ونقل إلى فاس، وهو جد الحموديين. ثم توفي الأمير محمد بن إدريس - رحمه الله - فولي يحيى بن محمد بن إدريس، فولي يحيى أعمامه وأخواله أعمالا فولي حسينا القبلة من مدينة فاس إلى أغمادت، وولي داود المشرق من مدينة فاس: مكناسة، وهوارة، وصدينة، وولي قاسم غربي فاس: لهاتة وكتامة. وتشاغل يحيى عما كان يحق عليه من سياسة أمره. فملك أخوته أنفسهم، استمالوا القبائل، وقالوا لهم:(إنما نحن أبناء أب واحد، وقد ترون ما صار إليه أخونا يحيى من إضاعة أمره) فقدمهم البربر على أنفسهم تقديما كليا. وكان يحيى منهمكا في الشراب، معجبا بالنساء، وذكر أنه دخل يوما