وفي سنة ٣٣٥ وصل أبو يزيد إلى المهدية ثم نهض إلى سوسة فناوشه أهلها، فقيل فيه:(وافرا) :
ألم بسوسة وبغى عليها ... ولكن الإله لها نصير
مدينة سوسة للغرب ... ثغرة يدين لها المدائن والقصور
لقد لعن الذي بغوا عليها ... كما لعنت قريظة والنضير
أعز الدين خالق كل شيء ... بسوسة بعدها التوت الأمور
فرفع أبو يزيد عنها، ورجع إلى المهدية، فلما وصل دفع حتى ضرب برمحه في بابها، فدخل راجل القصر على إسماعيل، فوجده يلعب بسلباحة في الصهريج. فقال له:(تلعب، وأبو يزيد يركز رمحه بالباب فقال له (أو قد فعل؟) قال: (نعم) قال: (والله لا عاد إليها أبدا! وقد جاء حتفه! كذا رأينا في كتبنا) ثم أمر في الحين بالركوب والخروج إليه.
وفي سنة ٣٣٦ من الهجرة، أمر المنصور أبو طاهر ببناء صبرة واختطها، وسماها المنصورية. قال البكري: ولم تزل المهدية دار ملك بني عبيد إلى أن سار منها أبو طاهر إلى القيروان بعد قتله لأبي يزيد، وبنى مدينة صبرة واستوطنها، وخلت أكثر أرباض المهدية وتهدمت. ونقل أبو طاهر سوقة القيروان إلى صبرة. وكان لها أربعة أبواب. وبينها وبين القيروان نحو نصف ميل. وكان من المهدية إلى مدينة سلقطة ثمانية أميال، ومنها زحف أبو يزيد إلى المهدية أيام حصاره. وكانت محلة أبي يزيد بترنوط. وفي كتب الحدثان:(إذا ربط الخارجي خليه بترنوط، لم يبق لأهل السواد محلول ولا مربوط) و (ويل لأهل السواد من محلة أبي كيداد) وامتحن أهل باجة أيام أبي يزيد بالقتل والسبي. وقيل في أبي يزيد رجز: