للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويل التحية وكان يلبس السراويل والملحفة، ولا يلبس االقميص، ولا يعتم إلا في الحرب، ولا يعتم أحد من قومه إلا الغرباء عندهم. وكان في كل عام تحشد ويظهر أنه يغزوا لمن يليه من القبائل، فيهادنوه، فيترك حركته. فملك في دعة نحو اثنين وأربعين سنة.

ثم ولى أبو منصور عيسى بن أبي الأنصار ن الذي بعث زمورا هذا إلى المستنصر بالله الأموي سنة ٣٥٢، وهو عبس بن أبي الأنصار عبد اله بن أبي عفير محمد بن معاذ١ بن اليسع بن صالح بن طريف. وكان سنه إذ ولي اثنين وعشرين سنة، فسار بسيرة أبيه ودان بديانته. واشتدت شوكته وعظم سلطانه. وكان أبوه قد وصاه عند موته بموالاة أمير الأندلس، وقال: (أنت سابع الأمراء من أهل بيتك، وأرجو أن يأتيك جدك صالح كما وعد) انتهى ما اختصرته من كلام رموز.

وقال أبو العباس المرجحي أن يونس القائم بدين برغواطة أصله من شذونة، من جهة وادي برباط، وكان قد رحل إلى المشرق في عام ٢٠١ مع عباس بن ناصحخ وزيد بن سنا الزناتي صاحب الواصلية، وبرغوث بن سعيد التراري، وجد بني عبد الرزاق، ويعرفون بني وكيل الصفرية، ومناد صاحب القلعة المنادية، قريب من سجلماسة وآخر ذهب عني اسمه. فأربعة منهم فقهوا في الدين. ادعى يونس صاحب برغواطة النبوة. قال: وكان يونس شرب دواء للحفظ، فحفظ كل ما سمعه، وطاب علم النجوم والكهانة، ونظر في الجدال، وانصرف، فنزل بين هؤلاء القوم، فرأى جهلهم. وكان يخبرهم بأشياء قبل كونها، مما يدل عليه التنجيم، فيكون كما قال، أو قريبا منه، فعظم عندهم. فلما رأى ذلك منهم وعلم ضعف عقولهم وكثرة جهلهم أظهر ديانته، ودعا إلى نبوته. وسمى من اتبعه برباطي، ثم أحالوه بألسنتهم، ردوه

<<  <  ج: ص:  >  >>