والي مصر لو استعملت عقبة وأقررته على أفريقية؟ فإن له فضلاً وسابقاً وهو الذي بنى القيروان فقال مسلمة (إن أبي المهاجر كأحدنا صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل فنحن نحب أن نكافئه ونصطنعه) فقدم أبي المهاجر أفريقية فأساء عزل عقبة ونزل خارجا عن المدينة وكره أن ينزل الموضع الذي اختطه عقبة ومضى حتى خلفه بميلين مما يلي طريق تونس فاختط بها المدينة وأراد أن يكون له ذكرها ويفسد عمل عقبة فبنى مدينة وأخذ في عمرانها وأمر الناس أن تحرق القيروان ويعمروا مدينته فخرج عقبة منصرفاً وأدركه الخير في الطريق فتوجه إلى المشرق آسفاً على أبي المهاجر ودعا الله عليه أن يمكنه منه فبلغت أبي المهاجر دعوته فقال (هو عبد لا ترد دعوته) ولم يزل أبي المهاجر خائفاً منه نادماً على ما فعل معه ولما قدم عقبة على معاوية قال له (فتحت البلاد ودانت لي وبنيت المنازل واتخذت مسجداً للجماعة وسكنت الناس ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي) فاعتذر له معاوية وقال له (قد عرفت مكان مسلمة بن مخلد من الإمام عثمان وبذله مهجته صابراً محتسباً طع من أطاعه من قومه ومواليه وأنا أرددك إلى عملك) وتراخى الأمر حتى توفي معاوية وأفضى الأمر إلى يزيد ابنه فلما علم حال عقبة قال (أدركها قبل أن تفسد) فرده والياً على أفريقية وقطعها على مسلمة بن مخلد والي مصر. وفي سنة ٥٦ من الهجرة دعا معاوية بن أبي سفيان إلى بيعة يزيد وجعله ولي عهده من بعده فانقاد له الناس كلهم إلا خمس نفر (الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم -) . وفي سنة ٥٧ عزل معاوية مروان عن المدينة واستعمل الوليد بن عقبة